وعن الثالث ما عرفت من كون تعليق التهديد على مجرّد مخالفة الأمر قاضيا بعدم استناد فهم الوجوب الى شيء آخر عدا الصيغة ، وجعل نفس التهديد الواقع قرينة على إرادة الوجوب غير متّجه ؛ إذ قضية ذلك إتيانهم بما يستحقّ معه الذمّ والعقوبة مع قطع النظر عن التهديد المفروض حتّى يصحّ تعلّق التهديد بهم ، لا أن يكون استحقاقهم لذلك بعد ورود التهديد عليهم كما هو قضية جعله قرينة على إرادة الوجوب من غير دلالة الصيغة بنفسها عليه على ما هو الملحوظ في الإيراد.
وعن الرابع بأنّ ملاحظة أصالة عدم النقل وظهور اتّحاد الوضع كافية في إتمام المقصود ، وهي معتبرة في إتمام كلّ من الأدلّة المذكورة ، وقد أشار اليه المصنّف في الحجّة الاولى ، وكأنّه تركه في البواقي اتّكالا على الظهور.
وعن الخامس بصدق الأمر لغة وعرفا على الصيغة الصادرة من العالي خالية عن القرائن الدالّة على إرادة الوجوب وعدمها ، وقد دلّت الآية على التهديد بمخالفة الأمر فيفيد كون الصيغة المذكورة دالّة عليه ، وهذا مراد من قال في الجواب : «إنّ الأمر حقيقة في الصيغة المخصوصة» فإنّه إنّما عنى بها الصيغة المطلقة الصادرة عن العالي الخالية عن القرائن ، والمقصود أنّ هذه الصيغة حينئذ ممّا يصدق عليه الأمر حقيقة من غير شائبة تجوّز أصلا.
والشاهد عليه ملاحظة الإطلاقات العرفية مع قطع النظر عن ملاحظة اعتبار الاستعلاء في مفهوم الأمر وعدمه ، ولا لكون لفظ «الأمر» حقيقة في خصوص الطلب الحتمي ، أو الصيغة الدالّة على ذلك ، أو الأعمّ منه بل يكتفى بملاحظة صدق الأمر عرفا على الصيغة المفروضة ، وذلك كاف في استفادة دلالة الصيغة على الوجوب من الآية الشريفة.
وعلى فرض ثبوت اعتبار الاستعلاء في مفهوم الأمر وتسليم كون الاستعلاء ملزوما للوجوب لا مانع من صحّة الاحتجاج ، إذ غاية الأمر دلالة الصيغة المطلقة حينئذ على استعلاء المتكلّم وإلزامه ، وهو عين المطلوب.
والحاصل : أنّ ما ذكر من عدم الملازمة بين وضع المادّة والصيغة مسلّم ، إلّا أنّ