بل الأمر الحاصل في الواقع شيء واحد يختلف بحسب الاعتبارين حسب ما ذكر.
وإيراد المدقّق المحشّي عليه بأنّ القول بكون الإيجاب والوجوب متّحدين بحسب الحقيقة وبالذات ، ومختلفين بالاعتبار من مزخرفات الأشاعرة ولا محصّل له أصلا ليس على ما ينبغي، وإسناده ذلك الى الأشاعرة ممّا لم يتّضح وجهه ولا ربط له بشيء من اصولهم.
وكأنّ ملحوظه في ذلك أنّه لمّا كان الوجوب عند الأشاعرة عبارة عن مجرّد كون الفعل مطلوبا للشارع ـ وهو معنى الحسن عندهم من غير حصول أمر آخر ـ لم يكن الوجوب الحاصل عندهم إلّا المعنى الأوّل ، وقد عرفت أنّه متّحد مع الإيجاب بالذات مغاير له بالاعتبار ، بخلاف العدلية القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين وحصول وجوب عقلي متبوع لأمره تعالى أو تابع له ، إذ لا معنى لاتّحاد الإيجاب معه بحسب الحقيقة حسب ما عرفت.
وهذا هو مقصود السيّد العميدي حيث ذكر بعد بيان الفرق بين الإيجاب والوجوب : أنّ الفرق يتمّ على مذهب المعتزلة دون الأشاعرة.
لكنك خبير بأنّ ذلك ممّا لا ربط له بالمقام ، فإنّ الوجوب المقصود في المقام متّحد مع الإيجاب على القولين ، من غير فرق فيه بين المذهبين ، فالإيراد المذكور ليس في محلّه.
هذا ، وقد أورد أيضا على ما ذكر في وجه النظر بأنّه لو سلّم اعتبار استحقاق الذمّ في مفهوم الوجوب الملحوظ في المقام فلا يلزم من كون السؤال دالّا عليه ترتّب الذمّ عليه بحسب الواقع ، لجواز التخلّف في الدلالة اللفظية.
فكأنّ مقصود المجيب أنّ الأمر والسؤال يدلّان على الوجوب بالمعنى المذكور ، إلّا أنّ حصول الوجوب وثبوته في الواقع يتبع الشرع دون دلالة اللفظ ، فلذا لا يكون حاصلا في السؤال دون الأمر ، فما ذكر في وجه النظر اشتباه نشأ من الخلط بين دلالة اللفظ على الشيء وتحصيله وإيجاده.
وفيه : أنّ ما ذكر من جواز تخلّف المدلول عن الدالّ في الدلالات اللفظية إنّما