فيحصل أداء الواجب بمجرّد الإتيان به من غير حاجة الى ضمّ شيء آخر اليه ، فقضية الأصل إذن إذا تعلّق الطلب بطبيعة اتصاف أيّ فرد أتى به بعد الطلب المفروض بالوجوب وحصول الواجب به ، سواء كان الإتيان به على وجه القصد الى ذلك الفعل وإرادته أو لا ـ كما إذا وقع منه على وجه الغفلة والذهول أو حال النوم ونحوه أو اشتبه عليه وأتى به على أنّه غير ما كلّف به ـ وسواء غفل عن التكليف المتعلّق به أو لا ، وسواء أتى به على قصد الامتثال أو غيره.
وقد يورد عليه بوجوه :
منها : أنّ متعلّق الطلب وإن كان مطلق الطبيعة من غير تقييدها بشيء بمقتضى ظاهر الأمر لكن تعلّق الطلب به إنّما يكون مع تفطّن الفاعل به وعدم غفلته عنه لوضوح استحالة التكليف بالفعل مع غفلة المأمور وذهوله عن ذلك الفعل وحينئذ فقضية تعلّق الطلب بالطبيعة هو الإتيان بالفعل على وجه القصد اليه فلا يكون الصادر على سبيل الغفلة مندرجا في المأمور به وكذا إذا أتى به معتقدا كونه مغايرا لما امر به.
ومنها : أنّ ظاهر ما يستفاد من الأمر في فهم العرف أنّ ما يتعلّق الطلب به هو ما يكون صادرا على وجه العمد دون الغفلة أو الالتباس بغيره ، كما يشهد به ملاحظة الاستعمالات فلا يندرج فيه الأفعال الصادرة على غير ذلك الوجه وإن شملها الطبيعة المطلقة.
ومنها : أنّ الفعل المتعلّق للطلب إنّما يتّصف بالوجوب من حيث كونه مأمورا به فيتوقّف وجوبه على توجّه الأمر الى الفاعل ، ومن البيّن أنّ تعلّقه به إنّما يكون مع علمه بالتكليف ، إذ لا تكليف مع الغفلة فكون ما يأتي به أداء للواجب إنّما هو بعد علمه بالتكليف ، فلو أتى به قبل ذلك ثمّ انكشف التكليف به لم يكن ما أتى به واجبا حتّى يسقط به ذلك التكليف فلا يكون الإتيان بالفعل أداء للمأمور به إلّا بعد تعلّق العلم به.
ومنها : أنّ القدر اللازم مع الغضّ عمّا ذكر هو اتّصاف الطبيعة المطلقة المتعلّقة