في الاستعمالات ووروده في كلام الفصحاء ، إلّا أنّ البناء على التعدّد أوجه إمّا لكون العطف حقيقة في ذلك ، أو لكونه الأظهر فيه بحسب الاستعمال ، ومثل ذلك الحكم في المعرّفين وما إذا كان الأوّل معرّفا والثاني منكّرا.
وأمّا لو كان الأوّل منكّرا والثاني معرّفا نحو «صلّ ركعتين وصلّ الركعتين» فقد اختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : الحكم بمغايرة التكليفين ، ذهب اليه جماعة منهم ابن زهرة والعلّامة والآمدي والرازي.
ثانيها : الحكم بالاتّحاد ، ذهب اليه بعض المتأخّرين وربما يظهر من السيّد العميدي.
ثالثها : الوقف لتساوي الوجهين ، فلا مرجّح لأحد الاحتمالين ، وحكي القول به عن المحقّق وأبي الحسين البصري والعضدي وغيرهم.
وخير الأقوال المذكورة أوسطها ، لظهور اللام جدّا في العهدية ، ولا يعارضه ظهور العطف في التعدّد لعدم مقاومته لظهور اللام في الاتّحاد ، كما يعرف من ملاحظة العرف عند عرض المثال المذكور عليه ، وقد أنكر بعضهم دلالة العطف على التغاير كما سيجيء الإشارة اليه إن شاء الله.
حجّة القول الأوّل قضاء العطف بالمغايرة وأولوية التأسيس من التأكيد ، ولا يعارضه تعريف الثاني فإنّ اللام كما يحتمل العهدية كذا يحتمل الجنسية أيضا ، بل هو الأصل فيه ، وعلى فرض إرادة العهدية فقد يكون المعهود غير المذكور أوّلا.
وضعف الجميع ظاهر ، فإنّ إرادة الجنسية من اللام مع سبق المعهود في غاية البعد ، فظهور اللام في العهد واتّحاد المطلوب في المقامين أقوى من ظهور الأمرين المذكورين في التعدّد جدّا ، كما يشهد به الفهم المستقيم ، فإنّ إرادة الجنسية من اللام في مثل المقام المفروض ممّا لم يعهد في الاستعمالات الشائعة بخلاف انتفاء المغايرة بين المتعاطفين ، فإنّه شائع في الاستعمالات حتّى أنّه ورد في الكتاب العزيز في موارد عديدة وفي كلام أهل العصمة وفي استعمالات أرباب البلاغة.