ولذا أنكر الشهيد الثاني وغيره دلالته على المغايرة رأسا قائلا بأنّ من أنواع واو العاطفة عطف الشيء على مرادفه ، كما نصّ عليه ابن هشام في المغني وهو وإن كان بعيدا ـ إذ مجرّد ورود العطف مع انتفاء المغايرة لا يفيد عدم ظهوره في المغايرة كما يشهد به صريح فهم العرف سيّما في المقام إذ ليس ذلك من عطف الشيء على مرادفه في كثير من صوره ـ إلّا أنّه لا يقاوم الظهور الحاصل من اللام في الاتّحاد.
وممّا قرّرنا يظهر الوجه في القول بالوقف ، فإنّه مبني على تقاوم الوجهين المذكورين وتساويهما فيتوقّف في الحمل ، ومرجعه الى القول الثاني في مقام الفقاهة للأخذ بأصالة عدم تعدّد التكليف ، هذا كلّه إذا لم يقم شاهد خارجي على التعدّد أو الاتّحاد. وأمّا مع قيام شاهد على وفق ما هو الظاهر من اللفظ في المقامات المذكورة فلا إشكال لاعتضاد الظاهر بذلك.
ولو قام الشاهد على خلافه فإن كان الظهور المفروض باقيا فهو المتّبع أيضا ، وإن كان الظهور الحاصل من الشاهد راجحا على الظهور المفروض بحيث يكون التعدّد أو الاتّحاد بعد انضمام ذلك هو المفهوم من الكلام بحسب العرف فهو المتّبع أيضا ، وإن تعادلا لزم الوقف ، فيرجع فيه الى الأصل ، وقضيته البناء على الاتّحاد حسب ما مرّ.
الثانية : أن يتعلّق الأمران بمفهوم واحد من غير أن يكونا متقارنين ، وحينئذ فإمّا أن يتعدّد السبب فيهما ، أو يتّحدا ولا يكون السبب معلوما فيهما أو في أحدهما ، أمّا مع تعدّد السبب فلا إشكال في الحكم بتعدّد التكليف ، ومع اتّحاد السبب لا يبعد الحكم باتّحاد التكليف سيّما مع مغايرة المخاطب بالأمرين ، خصوصا إذا كان صدورهما عن إمامين ، نعم لو قام هناك شاهد على التعدّد اتّبع ذلك.
وأمّا مع عدم العلم باتّحاد السبب وتعدّده فظاهر الأمرين قاض بتعدّد التكليف كما هو الحال في الأوامر المتداولة في العرف.
لكن ظاهر الحال في أوامر الشريعة قاض بالاتّحاد كما هو الغالب في الأوامر