غير أن يعلم كون المقصود مجرّد الإتيان بالطبيعة على سبيل الإطلاق ، وحينئذ فهل يكون تعدّد الأوامر القاضية بتعدّد التكليف قاضيا بتعدّد المكلّف به أيضا ليتوقّف امتثال الأمرين أو الأوامر على تكرار الفعل على حسب الأمر فلا يكون الإتيان بها مرّة كافيا في أداء تلك التكاليف وجهان؟ بل قولان.
وهذه المسألة وإن لم يعنونوا له بحثا في الكتب الاصولية لكن يستفاد الخلاف فيه بملاحظة ما ذكروه في تداخل الأسباب في الغسل ، وما احتجّوا به على التداخل وعدمه في ذلك المقام.
والظاهر كون تعدّد التكليف حينئذ قاضيا بتعدّد المكلّف به فلا يحصل البراءة من الجميع إلّا بتكرار إيجاد الطبيعة على حسب الأمر ، وظاهر فهم العرف حينئذ أقوى دليل عليه.
ولا فرق حينئذ بين ما إذا علم أسباب تلك التكاليف أو لم يعلم شيء منها أو علم السبب في بعضها دون البعض ، وما إذا علم اتّحاد أسبابها واختلافها وإن كان الحكم في صورة تعدّد الأسباب أظهر.
فالأصل مع تعدّد التكليف عدم تداخل التكاليف في الأداء ، إلّا أن يدلّ دليل على الاكتفاء به ، وهذا الأصل كما عرفت من الاصول المستندة الى اللفظ بحسب فهم العرف حيث إنّ المفهوم من الأوامر بعد ضمّ بعضها الى البعض كون المطلوب في كلّ منها مغايرا للمطلوب بالآخر فيتقيّد بذلك إطلاق كلّ منها ، وهذا ظاهر في التكاليف الثابتة بالأوامر ونحوها من الألفاظ حيث إنّ فهم العرف حجّة كافية في إثبات ذلك.
وأمّا في التكاليف الثابتة بغير اللفظ كالإجماع والعقل فيتّبع ذلك حال الدليل القائم عليه ، فإن دلّ على كون المكلّف به في كلّ منها مغايرا للآخر فذاك ، وإن لم يقم دليل على تغاير المكلّف به فظاهر الأصل قاض بالاجتزاء بالفعل الواحد لحصول الطبيعة المطلوبة بذلك.
والتحقيق : أن يقال : إنّه لا إطلاق في المقام حتّى يمكن التمسّك به في حصول