ومنها : أنّ ظاهر الأسباب المتعدّدة قاض بتعدّد مسبّباتها ، نظرا الى تبادر الاختصاص المقتضي للتعدّد ، فإنّ مفاد قوله : «من نام فليتوضّأ ومن بال فليتوضّأ» اختصاص كلّ سبب بمسبّبه فيجب الوضوء بخصوصه لأجل النوم كما يجب كذلك لأجل البول ، فالمستفاد منه وجوب وضوءين عند عروض الأمرين.
ومنها : أنّ الثاني من السببين المتعاقبين ينبغي أن يثبت به المسبّب ، لعموم ما دلّ على سببيّته والثابت به غير الأوّل ، لأنّ الظاهر من ترتّب طلبه على حصول سببه تأخّره عنه، كما هو الشأن في سائر الأسباب بالنسبة الى مسبّباتها ، فيكون مغايرا للمطلوب بالأوّل، ضرورة حصوله بالسبب الأوّل قبله فيتعدّد المسبّب كما هو المدّعى.
ويمكن المناقشة في الجميع.
أمّا في الأوّل فبأنّ دعوى الإجماع على ذلك مطلقا غير واضحة ، بل لو ثبت هناك إجماع فإنّما هو فيما إذا ثبت بالأسباب العديدة تكاليف متعدّدة واريد أداؤها بمصداق واحد، كما هو ظاهر من ملاحظة موارد ما ذكره من الجريان عليه في أبواب العبادات والمعاملات ، وليس توقّف الأداء على الإتيان بالمتعدّد إلّا مع ثبوت تعدّد التكليف وهو أوّل الكلام في المقام.
وأمّا في الثاني فبما أشرنا اليه من أنّ تعدّد التكليف هناك هو القاضي بتعدّد المكلّف به حسب ما بيّناه ، يعرف ذلك من ملاحظة الأمثلة الّتي ذكرها المستدلّ قدسسره حيث مثّل لذلك بالصلوات المتوافقة من فائتة وحاضرة ، والفوائت المتعدّدة من الفرائض والنوافل ، والفرائض المتوافقة كصلاة الزلزلة والآيات وصلاة الطواف والنافلة والنافلة والفريضة المتوافقتين كصلاة العيد والاستسقاء ، وزكاة المال والفطرة الى غير ذلك مع أنّ اندراج أكثر ما ذكره في مورد التداخل محلّ كلام مرّت الإشارة اليه ، فكيف يثبت به ما نحن بصدده من إثبات تعدّد التكليف بمجرّد تعدّد السبب؟!.
وأمّا في الثالث فبأنّ الاختلاف الحاصل بسبب النسبة والإضافة قد يكون