فضلا عن كونه عين الفقه كما هو مقتضى التحديد.
وأمّا الثاني ، ففيه : أنّه ينتقض الحدّ بعلم المقلّد ، فإنّه إذا عرف فتاوى المجتهد فقد علم بالأحكام الحاصلة عن أدلّتها ، إذ كما يصدق ذلك على علم المجتهد بالأحكام الحاصلة(١) عنده ، كذا يصدق على علم مقلّده بتلك الأحكام الحاصلة عنده من غير فرق ، بل يصدق ذلك على علم الله سبحانه وعلم الملائكة والمعصومين بالأحكام الحاصلة عند المجتهد ؛ لصدق الحدّ المذكور عليه من غير ريب. وتوهّم خروجها باعتبار الحيثيّة المذكورة بيّن الفساد ، كما مرّت الإشارة إليه.
ولو سلّم إخراجه لعلوم المذكورين فإنّما يخرج به علمهم بنفس الأحكام ، وأمّا علمهم بالأحكام الحاصلة عند المجتهد فلا ، إذ اعتبار الحيثيّة المذكورة جارية فيها قطعا. نعم ، لو جعلت الحيثيّة المذكورة مرتبطة بالعلم صحّ ما ذكر ، لكنّه فاسد ، لعدم ارتباطها بالعلم أصلا ، إذ الحيثيّات المعتبرة في نظائر المقام هي المقرّرة لعنوان ما تقيّده والمبيّنة لاعتبار الوصف العنواني فيما اخذت فيه ؛ ولذا يدّعى فهمها من الإطلاق ، وهذا إنّما يعطي تقييد الأحكام دون العلم.
ثمّ إنّه صرّح أوّلا بحمل «الأحكام» على النسب ، فلا وجه إذا لجعل الظرف مستقرّا صفة له ، إذ ليست النسب حاصلة عن الأدلّة. نعم ، يمكن أن يجعل الظرف متعلّقا بالمظنونة الملحوظة في الأحكام بالتفسير الذي ذكره ، أو بالمستنبطة ونحوها من الأفعال الخاصّة ، وحينئذ لا يكون الظرف مستقرّا بمعناه المعروف ، مع ما فيه من البعد.
هذا ، وقد ظهر بما اخترناه في الجواب عن أصل الإيراد صحّة عدّ كلّ من أحكام المجتهدين وأقوالهم المتعدّدة في مسألة واحدة من الفقه مع القطع بالخطأ فيما يزيد على واحد منها وقيام احتمال الخطأ في كلّ من آحادها ، نظرا إلى كون كلّ من تلك الأحكام حكما ظاهريّا وقع التكليف به في الظاهر ، فالخطأ الواقع فقه أيضا ، والعالم به فقيه إذا علم بقدر يعتدّ به من الأحكام حسب ما مرّ وإن فرض
__________________
(١) في المطبوع (١) زيادة : عن أدلّتها.