القضيّتين عرفا ، وهي المعتبرة في الاستصحاب» (١).
فيجري الاستصحاب إن لاحظنا وحدة القضيّتين بنظر العرف كما هو الحقّ ، بخلاف ما إذا لاحظناها بالدقّة العقليّة.
بقي هنا إشكال آخر على استصحاب الكلّي ، وهو منسوب إلى سيّد إسماعيل الصدر قدسسره ، وهذا الإشكال معروف بالشبهة العبائيّة.
توضيح ذلك : أنّه من المعلوم عدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفهوميّة ، كما إذا شككنا بعد استتار القرص وقبل زوال الحمرة المشرقيّة في انتهاء النهار وأنّه ينتهي بأيّهما ، ولا يجري استصحاب بقاء النهار ؛ إذ الشكّ في معنى النهار ومفهومه من حيث العرف واللغة وأنّ اختتامه لغة وعرفا باستتار القرص أو بزوال الحمرة المشرقية ، لا في الواقعة الخارجيّة بعد العلم باستتار القرص وعدم زوال الحمرة.
ويمكن أن يتوهّم أنّ ما نحن فيه أيضا من هذا القبيل ، فإنّا نعلم بارتفاع الكلّي إن تحقّق في ضمن الفرد القصير ، وبقائه إن تحقّق في ضمن الفرد الطويل.
وجوابه : أنّ الشكّ هنا في الواقعة وأنّ الكلّي تحقّق في ضمن أيّ الفردين ، لا في المفهوم اللغوي والعرفي ، فلا مانع من جريان استصحاب الكلّي.
وأمّا ما ذكره السيّد الصدر قدسسره فهو أنّه : لو علمنا إجمالا بنجاسة أحد طرفي العباءة ثمّ غسلنا أحد الطرفين ، فلا إشكال في أنّه لا يحكم بنجاسة الملاقي لهذا الطرف المغسول ؛ للعلم بطهارته بعد الغسل ، إمّا بالطهارة السابقة أو بالطهارة الحاصلة بالغسل ، وكذا لا يحكم بنجاسة الملاقي للطرف الآخر ؛ لأنّ المفروض عدم نجاسة الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة ، ثمّ لو لاقى شيء مع الطرفين
__________________
(١) الاستصحاب : ٨٥ ـ ٨٦.