آخر أو جزء آخر فيه ـ أي مجيء عمرو وعدم مجيئه ـ وهكذا في القضيّة الثانية.
وأمّا استشهاده بذيل الآية ـ أي (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(١) ، واستفادته تقييد موضوع الوضوء بوجدان الماء بقرينة المقابلة بين الصدر والذيل فليس بصحيح ؛ فإنّ هذا التقييد يستفاد من نفس الأمر بالوضوء مع قطع النظر عن ذيل الآية.
والتحقيق : أنّ هذا الجواب ليس بصحيح ، بل ما ذكره بعض الأعلام قدسسره في كمال الدقّة والمتانة ، فإنّ الظاهر من قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ...) أنّه : إذا قمتم من النوم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... وهذا المعنى في القضيّة الاولى واضح.
وأمّا ارتباط القضيّة الشرطيّة الثانية بالصلاة ، فيستفاد من ذكرها عقيب القضيّة الاولى ، فالقيام من النوم إلى الصلاة محفوظ فيهما ، فالمستفاد من الآية صدرا وذيلا أنّ القائم من النوم على قسمين : قد يكون القائم من النوم جنبا وقد يكون غير جنب ، كأنّه قال : «إذا قمتم من النوم إلى الصلاة ولم تكونوا جنبا فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ، وإذا قمتم من النوم إلى الصلاة وكنتم جنبا فاطّهروا ويجب عليكم الاغتسال» ، وبهذا الاستظهار من الآية يصحّ الجواب عن الشبهة ، وأنّ موضوع الوضوء في صدر الآية مقيّد ومركّب من الجزءين ـ أي القيام من النوم وعدم الجنابة ـ والأوّل محرز بالوجدان والثاني بالاستصحاب ،
فبعد جريان استصحاب الموضوع ـ أي عدم الجنابة ـ لا تصل النوبة إلى استصحاب كلّي الحدث بعد الوضوء ، ولا تقاس الآية بالمثال
__________________
(١) المائدة : ٦.