الحرمة الفعليّة بعد الغليان ، بلا فرق بين إثبات الحرمة التعليقيّة بالدليل أو بالاستصحاب ، فلا تعارض بين الاستصحابين حتّى تصل النوبة إلى بحث الحاكم والمحكوم أو السبب والمسبّب.
والجواب عن المعارضة الدائميّة بين الاستصحاب التعليقي والاستصحاب التنجيزي إمّا بعدم المنافاة بينهما كما ذكره صاحب الكفاية رحمهالله ، وإمّا بحكومة استصحاب الحرمة التعليقيّة على استصحاب الحلّيّة التنجيزيّة ؛ لتحقّق السببيّة والمسببيّة بينهما ، كما التزم به الشيخ الأعظم رحمهالله واختاره المحقّق النائيني رحمهالله والمحقّق الخراساني رحمهالله في الحاشية.
ويمكن أن يقال : إنّ تقدّم الاستصحاب الجاري في السبب على الاستصحاب الجاري في المسبّب لا إشكال فيه ، كما في مثل تطهير اليد المتنجّسة بالماء المشكوك الكرّيّة ، ويتحقّق هنا بالنظر البدوي استصحابان : استصحاب بقاء الكرّيّة في الماء ، واستصحاب بقاء النجاسة في اليد ، ولكن بعد دقّة النظر نلاحظ أنّ الأوّل حاكم على الثاني ، فإن بعد جريان استصحاب بقاء كرّيّة هذا الماء تصير نتيجته في الحقيقة صغرى للكبرى الشرعيّة ، وهو أنّ كلّ شيء متنجّس طهّر بماء الكرّ يكون طاهرا ، فهذه اليد تكون طاهرة وهذه الكبرى معارضة مع استصحاب بقاء النجاسة في اليد ، وبعد انطباق هذه الكبرى لا يبقى الشكّ في عدم بقاء النجاسة في اليد ، فجريان الأصل في السبب يزيل الشكّ في المسبّب شرعا وتعبّدا ، فيعتبر في تقدّم الأصل السببي على الأصل المسبّبي أن يكون الحكم في الشكّ المسبّبي من الآثار الشرعيّة للأصل السببي ، كما أنّ طهارة اليد من الآثار الشرعيّة لطهارة الماء.
لكن لا يتحقّق هذا المعنى في المقام ، فإنّ الشكّ في بقاء الحلّيّة التنجيزيّة