وجود الدليل.
الثالثة : إيصاله على فرض الفحص والتتبّع إلى دليل معتبر مخالف للحكم الواقعي.
ربّما يقال : بتحقّق استحقاق العقوبة في جميع الصور الثلاثة ، فإنّ تمام الملاك له هو عدم الفحص ومخالفة الواقع ولا عذر للمكلّف في مخالفة التكليف الواقعي ، ولا حجّة له لاستناد عمله إليها عقلا ، بل العقل يحكم في الشبهات البدويّة قبل الفحص بالاحتياط كحكمه به في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، وحكم العقل بلزوم الاحتياط بيان كأنّه صدر من المولى ، فاستحقاق العقوبة أمر موجّه بلا فرق بين كون نتيجة الفحص على تقدير الفحص بيانا على ثبوت التكليف أو على عدم التكليف أو اليأس عن الظفر بالدليل.
ولكنّ التحقيق أنّ استحقاق العقوبة منحصر بالصورة الاولى ـ أي كون نتيجة الفحص هو الإيصال إلى البيان على التكليف ـ فإنّ عدم العذر والحجّة للمكلّف في مقام مخالفة الواقع يتحقّق في هذه الصورة دون غيرها ؛ ضرورة عدم البيان على تقدير الفحص ، أو وجود الدليل على خلاف الواقع عذر للمكلّف. وإن لم يكن ملتفتا إليه في مقام العمل ، فمع تحقّق العذر الواقعي لا يتحقّق عنوان المعصية ومخالفة المولى حتّى يترتّب عليه استحقاق العقوبة. نعم ، يتحقّق هنا عنوان التجرّي ولكنّه خارج عن البحث ، كما لا يخفى.
وأمّا حكم العقل بلزوم الاحتياط في الشبهات البدويّة قبل الفحص فلا إشكال فيه ، ولكنّه ليس بملاك التحفّظ على الواقع ، فإنّ هذا الملاك يتحقّق بعد الفحص أيضا ، بل يكون بملاك إمكان تحقّق البيان في مظانّ ثبوته.
ومن هنا يستفاد انحصار استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع بصورة