التعبّد ، مثل ورود الرواية المعتبرة على حديث الرفع ، فإنّ معنى قوله : «لا يعلمون» ، ـ أي ما لا يكون لله على المكلّف حجّة ، لا اليقين الوجداني ، وإذا دلّ الخبر الواحد على وجوب شيء فهو حجّة تعبّدا ، وإذا علمنا بتخصيص العامّ لا نحتاج إلى التعبّد ؛ فإنّ حجّيّة أصالة العموم متوقّفة على عدم العلم بالتخصيص ، وبعد العلم به يكون اسمه بحسب الاصطلاح تخصّصا.
ثمّ قال : وإن كان المخصّص ظنّيا معتبرا كان حاكما على الأصل ؛ لأنّ معنى حجّيّة الظنّ جعل احتمال مخالفة مؤدّاه للواقع بمنزلة العدم ـ أي افرض نفسك كأنّك متيقّن ـ في عدم ترتّب ما كان يترتّب عليه من الأثر لو لا حجّيّة هذه الأمارة ، وهو وجوب العمل بالعموم ؛ فإنّ الواجب عرفا وشرعا العمل بالعموم عند احتمال وجود المخصّص وعدمه ، فعدم العبرة باحتمال عدم التخصيص إلغاء للعمل بالعموم ـ أي افرض كأنّك عالم بالتخصيص في جوّ التعبّد ـ فثبت أنّ النصّ وارد على أصالة الحقيقة إذا كان قطعيّا من جميع الجهات ، وحاكم عليه إذا كان ظنيّا في الجملة ، كالخاصّ الظنّيّ السند مثلا.
ثمّ قال : ويحتمل أن يكون الظنّيّ أيضا واردا ، بناء على كون العمل بالظاهر عرفا وشرعا معلّقا على عدم التعبّد بالتخصيص ، فحالها حال الاصول العقليّة ـ أي أصالة العموم معتبرة عند عدم التعبّد بالتخصيص ، وإذا تحقّقت الرواية الظنيّة السند تحقّق التعبّد على التخصيص تكوينا وواقعا ، فتكون واردة على العموم كورودها على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وقوله : «فتأمّل» ، لعلّه إشارة إلى عدم قبول هذا الاحتمال عنده.
ثمّ قال : هذا كلّه على تقدير كون أصالة الظهور من حيث أصالة عدم القرينة ، وأمّا إذا كام من جهة الظنّ النوعيّ الحاصل بإرادة الحقيقة ـ الحاصل