مَا لَكَ أَوْ عَلَيْكَ (١).
قَالَ : فَقَامَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ (٢) ، وَبَقِيتُ أَنَا وَابْنُ الْمُقَفَّعِ جَالِسَيْنِ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْنَا ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ ، قَالَ : وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْمُقَفَّعِ ، مَا هذَا بِبَشَرٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا رُوحَانِيٌّ (٣) يَتَجَسَّدُ إِذَا شَاءَ ظَاهِراً (٤) ، وَيَتَرَوَّحُ إِذَا شَاءَ بَاطِناً ، فَهُوَ هذَا ، فَقَالَ لَهُ : وَكَيْفَ (٥) ذلِكَ (٦)؟ قَالَ : جَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ غَيْرِي ، ابْتَدَأَنِي ، فَقَالَ : « إِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلى مَا يَقُولُ هؤُلَاءِ ـ وَهُوَ عَلى مَا يَقُولُونَ ، يَعْنِي أَهْلَ الطَّوَافِ ـ فَقَدْ سَلِمُوا وَعَطِبْتُمْ (٧) ، وَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ عَلى مَا تَقُولُونَ (٨) ـ وَلَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ ـ فَقَدِ اسْتَوَيْتُمْ ، وَهُمْ » ، فَقُلْتُ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، وَأَيَّ شَيْءٍ نَقُولُ؟ وَأَيَّ شَيْءٍ يَقُولُونَ؟ مَا قَوْلِي وَقَوْلُهُمْ إِلاَّ وَاحِداً ، فَقَالَ : « وَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُكَ وَقَوْلُهُمْ وَاحِداً وَهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ لَهُمْ مَعَاداً وَثَوَاباً وَعِقَاباً ، وَيَدِينُونَ بِأَنَّ فِي السَّمَاءِ (٩)
__________________
نحوها ، عطفاً على « عقال » و « ما » نافية مشبّهة بليس ، أو موصولة. وفي حاشية « ج » : « شُمَّهُ » أمر من شمّ ، يقال : شاممتُ فلاناً ، أي قاربته لأعرف ما عنده بالكشف والاختبار ، و « ما » استفهاميّة.
(١) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وحاشية ميرزا رفيعا ومرآة العقول والوافي : « وعليك ».
(٢) في التوحيد ، ص ٢٥٣ ، ح ٤ : « كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصريّ
فانحرف عن التوحيد فقيل له : تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولاحقيقة. قال : إنّ صاحبي كان مخلّطاً ، كان يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر فما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه ... وكان يكره العلماء مجالستة لخبث لسانه وفساد ضميره ». وانظر أيضاً : الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٧٤.
(٣) في « ج » : ـ « و ».
(٤) وفي « ب ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « ظهر ». وفي حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٢٤٨ : « يتجسّد ، أي يصير ذا جسد وبدن يُبصر به ويُرى. ويتروّح ، أي يصير روحاً صرفاً ويبطن ويختفى عن الأبصار والعيون ».
(٥) في « ب ، بس » وحاشية « بح » : « فكيف ».
(٦) في « ج ، ض ، ف » وحاشية « بح » : « ذاك ».
(٧) « عطبتم » أي هلكتم ، من العطب بمعنى الهلاك. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨٤ ( عطب ).
(٨) في « ض » وحاشية « بح » : « كما تقولون » بدل « على ما تقولون ».
(٩) في التوحيد : « للسماء ».