« أَيُّهَا الرَّجُلُ ، أَرَأَيْتَ ، إِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَكُمْ ـ وَلَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ ـ أَلَسْنَا وَإِيَّاكُمْ شَرَعاً سَوَاءً (١) ، لَايَضُرُّنَا مَا صَلَّيْنَا وَصُمْنَا (٢) ، وَزَكَّيْنَا وَأَقْرَرْنَا؟ » فَسَكَتَ الرَّجُلُ.
ثُمَّ قَالَ (٣) أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام : « وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَنَا ـ وَهُوَ قَوْلُنَا ـ أَلَسْتُمْ قَدْ هَلَكْتُمْ وَنَجَوْنَا؟ ». فَقَالَ : رَحِمَكَ اللهُ ، أَوْجِدْنِي (٤) كَيْفَ هُوَ؟ وَأَيْنَ هُوَ؟
فَقَالَ : « وَيْلَكَ ، إِنَّ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ غَلَطٌ ؛ هُوَ أَيَّنَ الْأَيْنَ بِلَا أَيْنٍ (٥) ، وَكَيَّفَ الْكَيْفَ بِلَا كَيْفٍ ، فَلَا يُعْرَفُ (٦) بِالْكَيْفُوفِيَّةِ (٧) ، وَلَا بِأَيْنُونِيَّةٍ ، وَلَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ ، وَلَا يُقَاسُ بِشَيْءٍ ».
فَقَالَ الرَّجُلُ : فَإِذاً إِنَّهُ لَاشَيْءَ إِذَا لَمْ يُدْرَكْ بِحَاسَّةٍ مِنَ الْحَوَاسِّ ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام : « وَيْلَكَ ، لَمَّا عَجَزَتْ حَوَاسُّكَ عَنْ إِدْرَاكِهِ ، أَنْكَرْتَ رُبُوبِيَّتَهُ ، وَنَحْنُ إِذَا عَجَزَتْ حَوَاسُّنَا عَنْ إِدْرَاكِهِ ، أَيْقَنَّا أَنَّهُ رَبُّنَا بِخِلَافِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ».
قَالَ (٨) الرَّجُلُ : فَأَخْبِرْنِي مَتى كَانَ؟ قَالَ (٩) أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام : « أَخْبِرْنِي مَتى لَمْ يَكُنْ ؛ فَأُخْبِرَكَ مَتى كَانَ؟ » قَالَ الرَّجُلُ : فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام (١٠) : « إِنِّي لَمَّا
__________________
(١) « شرعاً » : مصدر بفتح الشين وسكون الراء وفتحها ، يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكّر والمؤنّث. يقال : الناس في ذلك شرْع سواء ، أي متساوون ، لا فضل لأحدهم فيه على الآخر. ف « سواء » تأكيد له. انظر : النهاية ، ح ٢ ، ص ٤٦١ ( شرع ).
(٢) في « ب » : « ماصمنا وما صلّينا ». وفي « بس » : « ما صلّينا وما صمنا ».
(٣) في « بر » والتوحيد والعيون : « فقال » بدل « ثمّ قال ».
(٤) في « ف » : + « وأخبرني ». و « الإيجاد » : الإظفار. يقال : أوجده اللهَ مطلوبه ، أي أظفره به. والمعنى : أظفرني بمطلوبي ، وأوصلني إليه ، وهو أنّه كيف هو وأين هو ، يعني بيّن لي كيفيّته ، وأظهر لي مكانه. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٤٧ ( وجد ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧.
(٥) في « بح ، بر ، بس ، بف » : ـ « بلا أين ».
(٦) في « ب » : « ولا يعرف ».
(٧) في التوحيد والعيون : « هو أيّن الأين وكان ولا أين ، وهو كيّف الكيف وكان ولا كيف ، ولا يعرف بكيفوفيّة ». واستصوب الداماد واستحسن الفيض قوله في التوحيد والعيون : « بكيفوفيّة » لموافقتها لنظيرتها. انظر : التعليقة للداماد ، ص ١٧٨ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٣١٩.
(٨) في « ب » : « فقال ».
(٩) في « ب ، بس » والتوحيد : « فقال ».
(١٠) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : ـ « أخبرني متى لم يكن ـ إلى ـ فقال أبوالحسن عليهالسلام ». وفي