وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، وَغَدَا عَلَيْهِ (١) الدَّيَصَانِيُّ ، فَقَالَ لَهُ (٢) : يَا هِشَامُ ، إِنِّي جِئْتُكَ مُسَلِّماً ، وَلَمْ أَجِئْكَ مُتَقَاضِياً لِلْجَوَابِ ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ : إِنْ كُنْتَ جِئْتَ مُتَقَاضِياً ، فَهَاكَ (٣) الْجَوَابَ.
فَخَرَجَ الدَّيَصَانِيُّ عَنْهُ (٤) حَتّى أَتى بَابَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَلَمَّا قَعَدَ ، قَالَ لَهُ (٥) : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « مَا اسْمُكَ؟ » فَخَرَجَ عَنْهُ ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِاسْمِهِ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : كَيْفَ لَمْ تُخْبِرْهُ بِاسْمِكَ؟ قَالَ : لَوْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ : عَبْدُ اللهِ ، كَانَ يَقُولُ : مَنْ هذَا الَّذِي أَنْتَ لَهُ عَبْدٌ؟ فَقَالُوا لَهُ : عُدْ إِلَيْهِ ، وَقُلْ لَهُ : يَدُلُّكَ عَلى مَعْبُودِكَ ، وَلَا يَسْأَلُكَ عَنِ اسْمِكَ.
فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ (٦) لَهُ : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنِ اسْمِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « اجْلِسْ » وَإِذَا غُلَامٌ لَهُ (٧) صَغِيرٌ ، فِي كَفِّهِ بَيْضَةٌ يَلْعَبُ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ (٨) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « نَاوِلْنِي يَا غُلَامُ (٩) الْبَيْضَةَ » ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا ، فَقَالَ لَهُ (١٠) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا دَيَصَانِيُّ ، هذَا حِصْنٌ مَكْنُونٌ (١١) ، لَهُ (١٢) جِلْدٌ غَلِيظٌ ، وَتَحْتَ الْجِلْدِ
__________________
(١) في التوحيد : « إليه ». و « غدا عليه » أي : جاءه غَدْوَةً ، وهي أوّل النهار ؛ أو هي ما بين صلاة الغداة وطلوعالشمس ، ثمّ عمّ. انظر : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٤٦ ؛ المغرب ، ص ٣٣٦ ( غدو ).
(٢) في التوحيد والوافي : ـ « له ».
(٣) « ها ، هاءْ ، هاءَ ، هاك » كلّها اسم فعل بمعنى خُدْ. انظر : شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٤٨.
(٤) في التوحيد : + « فأخبر أنّ هشاماً دخل على أبي عبدالله عليهالسلام فعلّمه الجواب ، فمضى عبدالله الديصاني ».
(٥) في الوافي : ـ « له ».
(٦) في « بس ، بف » والوافي : « وقال ».
(٧) في « بح » : « له غلام ». وفي « بر » : ـ « له ».
(٨) في « ب ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : ـ « له ».
(٩) في « بر » وشرح المازندراني والوافي : « يا غلام ناولني ».
(١٠) في « ب ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : ـ « له ».
(١١) « مكنون » : صفة حصن باعتبار المتعلّق ، أي مستور ما فيه ، أو مكنون فيه ومصون من جميع جوانبه لا فرجة فيه ولا باب له. من كننتُ الشيء ، أي سترته وصُنته. ويحتمل الإضافة ، أي حصن أمر مكنونٍ. انظر : شرح صدر المتألهين ، ص ٢٢٣ ؛ شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٥٢ ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٨٩ ( كنن ).
(١٢) في « بر » : « وله ».