الْكِفَايَةِ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : قُمْ بِأَمْرِ بَنِي فُلَانٍ ، أَيِ اكْفِهِمْ ، وَالْقَائِمُ مِنَّا قَائِمٌ عَلى سَاقٍ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ وَلَمْ نَجْمَعِ (١) الْمَعْنى.
وَأَمَّا اللَّطِيفُ ، فَلَيْسَ عَلى قِلَّةٍ وَقَضَافَةٍ (٢) وَصِغَرٍ ، وَلكِنْ ذلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : لَطُفَ عَنِّي (٣) هذَا الْأَمْرُ ، وَلَطُفَ فُلَانٌ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ (٤) ، يُخْبِرُكَ أَنَّهُ غَمَضَ (٥) فِيهِ (٦) الْعَقْلُ وَفَاتَ الطَّلَبُ (٧) ، وَعَادَ مُتَعَمِّقاً مُتَلَطِّفاً لَايُدْرِكُهُ الْوَهْمُ ، فَكَذلِكَ (٨) لَطُفَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ ، أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ ؛ وَاللَّطَافَةُ مِنَّا : الصِّغَرُ وَالْقِلَّةُ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَأَمَّا الْخَبِيرُ ، فَالَّذِي لَايَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ ، وَلَا يَفُوتُهُ (٩) ، لَيْسَ (١٠) لِلتَّجْرِبَةِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ
__________________
(١) في التوحيد والعيون : « ولم يجمعنا ». في التعليقة للداماد : « لم يجمع ، أي لم يجمعنا المعنى ». وفي شرح المازندراني : « إن كان « جمعنا » بسكون العين كان « لم نجمع » بالنون ، وإن كان بفتحها كان « لم يجمع » بالياء المثنّاة من تحت ، والتقدير : لم يجمعنا المعنى ». ثمّ أيّد الأخير بما في العيون والتوحيد وإن عدّه خلاف الظاهر.
(٢) « القضافة » : النحافة والدقّة. قال الداماد في التعليقة : « والمراد الضعيف النحيف ». وانظر : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤١٧ ( قضف ).
(٣) في العيون : « عن ».
(٤) في التعليقة للداماد : « وفي نسخة : قولك ، بالرفع على أنّه المبتدأ ، أي وقولك هذا يخبرك ».
(٥) في « ف » : « غمّض » بالتشديد. واحتمله المازندراني في شرحه ؛ حيث قال : « ولو كان غمّض ... كان في الكلام استعارة مكنيّة تخييليّة ، وهو مع ذلك كناية عن عدم إدراك المطلوب ». و « غمض » و « غَمُضَ » : أخفى أمره واشتدّ غورُه ، أو غار. والغموض : الغور. وفي اللغة : غمض في الأرض ، أي ذهب وغاب. انظر : التعليقة للداماد ، ص ٢٩٠ ؛ شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٦٨ ؛ الوافي ، ح ١ ، ص ٤٨٨ ؛ لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٠١ ( غمض ).
(٦) في التوحيد والعيون : « فبهر » بدل « فيه ».
(٧) في مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٥٨ : « يمكن أن يقرأ « الطلب » مرفوعاً ومنصوباً. فعلى الأوّل يكون « فات » لازماً ، أي ضاع وذهب الطلب. وعلى الثاني ، فضمير الفاعل إمّا راجع إلى الأمر المطلوب ، أي لايدرك الطلبَ ذلك الأمر ... أو إلى العقل ».
(٨) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ض ، بر ، بف » وشرح المازندراني : « فهكذا ». وفي حاشية « ض » الاخرى : « وكذلك ».
(٩) في التوحيد : + « شيء ».
(١٠) أي ليس خبره بالأشياء وعدمُ بُعد شيء عنه للتجربة.