بِالْأَشْيَاءِ ، فَعِنْدَ (١) التَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْ لَاهُمَا مَا عُلِمَ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ ، كَانَ جَاهِلاً وَاللهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيراً بِمَا يَخْلُقُ ، وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ : الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ ، الْمُتَعَلِّمُ ، فَقَدْ (٢) جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.
وَأَمَّا الظَّاهِرُ ، فَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَا الْأَشْيَاءَ بِرُكُوبٍ فَوْقَهَا ، وَقُعُودٍ عَلَيْهَا ، وَتَسَنُّمٍ (٣) لِذُرَاهَا (٤) ، وَلكِنْ ذلِكَ لِقَهْرِهِ وَلِغَلَبَتِهِ (٥) الْأَشْيَاءَ وَقُدْرَتِهِ (٦) عَلَيْهَا ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ : ظَهَرْتُ عَلى أَعْدَائِي ، وَأَظْهَرَنِي اللهُ عَلى خَصْمِي ، يُخْبِرُ عَنِ الْفَلْجِ (٧) وَالْغَلَبَةِ ، فَهكَذَا (٨) ظُهُورُ اللهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ (٩).
وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِمَنْ أَرَادَهُ وَ (١٠) لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَأَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ مَا بَرَأَ (١١) ، فَأَيُّ ظَاهِرٍ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ (١٢) مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى؟ لِأَنَّكَ لَاتَعْدَمُ صَنْعَتَهُ (١٣) حَيْثُمَا
__________________
(١) في التوحيد : « فيفيده ». وفي العيون : « فتفيده » وفي كليهما : « علماً » بدل « علمان ». واستصحّه السيّد بدر الدينفي حاشيته ، ص ٩٧ ، ثمّ قال : « أي لولا التجربة والاعتبار لما علم ، بل كان جاهلاً ؛ والله لم يزل خبيراً ».
(٢) في « ب ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : « وقد ».
(٣) في حاشية « ض » : « تسنيم ». وفي التعليقة للداماد : « ويروى بالشين المعجمة وبالباء الموحّدة ، والشبم ـ بفتحالباء ـ : البرد ». و « التسنّم » : العلوّ. وكلّ شيء علا شيئاً فقد تسنّمه ، فيقال : تسنّمه أي علاه ، من السنام وهو أعلى كلّ شيء. انظر : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ ( سنم ).
(٤) في الشروح : « الذِرى » بضمّ الذال وكسرها ، جمع الذِروة ـ بهما ـ وهي أيضاً أعلى الشيء وفوقه ، ولكنّالموجود في اللغة : الذُرى ـ بضمِّ الذال ـ جمع الذِرْوة. قال الخليل : « ولولا الواو كان ينبغي أن تكون جماعة فِعْلة فِعَل ... ». انظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٤٥ ؛ ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٢٣ ( ذرو ).
(٥) في « ج ، ض ، بر » والعيون : « لغلبة ».
(٦) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ج » : « قدرة ».
(٧) « الفلج » : الظفر والفوز. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).
(٨) في حاشية « بح » : « فكذا ».
(٩) في التوحيد : « الأعداء ».
(١٠) في « بف » والتوحيد والعيون : ـ « و ».
(١١) في « ج » : « برأه ». وفي « ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والعيون : « يرى ».
(١٢) في العيون : + « أمراً ».
(١٣) في التوحيد : « صنعه ».