صَنَعَ ، وَاللهُ لَامِنْ شَيْءٍ صَنَعَ مَا خَلَقَ ، وَكُلُّ عَالِمٍ فَمِنْ بَعْدِ جَهْلٍ تَعَلَّمَ (١) ، وَاللهُ لَمْ يَجْهَلْ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ ، أَحَاطَ بِالْأَشْيَاءِ عِلْماً قَبْلَ كَوْنِهَا ، فَلَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهَا عِلْماً ، عِلْمُهُ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُكَوِّنَهَا كَعِلْمِهِ (٢) بَعْدَ تَكْوِينِهَا ، لَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ ، وَلَا خَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَلَا نُقْصَانٍ ، وَلَا اسْتِعَانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُنَاوٍ (٣) ، وَلَا نِدٍّ مُكَاثِرٍ (٤) ، وَلَا شَرِيكٍ مُكَابِرٍ (٥) ، لكِنْ خَلَائِقُ مَرْبُوبُونَ ، وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ (٦).
فَسُبْحَانَ الَّذِي لَايَؤُودُهُ (٧) خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ ، وَلَا تَدْبِيرُ مَا بَرَأَ ، وَلَا مِنْ عَجْزٍ (٨) وَلَا مِنْ (٩) فَتْرَةٍ بِمَا خَلَقَ اكْتَفى ، عَلِمَ مَا خَلَقَ ، وَخَلَقَ مَا عَلِمَ (١٠) ، لَابِالتَّفْكِيرِ فِي عِلْمٍ (١١) حَادِثٍ أَصَابَ مَا خَلَقَ ، وَلَا شُبْهَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَخْلُقْ ، لكِنْ قَضَاءٌ مُبْرَمٌ ، وَعِلْمٌ
__________________
(١) في « بر » وشرح صدر المتألّهين : « يعلم ».
(٢) في « بح ، بر » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين : + « بها ».
(٣) في « بح » وشرح صدر المتألّهين ومرآة العقول : « مناف ». وفي هامش شرح صدر المتألهين : « منا وخ ل » ولكن يبدو من شرح المصنّف لكلمة « ناوٍ » أنّ ما في الهامش كان في المتن. وفي حاشية « بح » : « منافق ». وفي حاشية « ف » والتوحيد : « مثاور ». وقوله : « مناو » أي معادٍ ، من ناواه ، بمعنى عاداه. وربّما يهمز ، وأصله الهمز ؛ لأنّه من ناء إليك ونؤتَ إليه ، أي نهض ونَهضْتَ إليه ؛ فإنّ كلاًّ من المتعاديين ينوء إلى صاحبه ، أي ينهض. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ٧٩ ( نوأ ) ؛ شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٢٩.
(٤) قوله : « مُكاثِر » أي غالب عليه بالكثرة ، من قولهم : كاثرناهم ، أي غلبناهم بالكثرة. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٠٢ ( كثر ).
(٥) في حاشية « ف » والتوحيد : « مكايد ».
(٦) « داخرون » أي أذلاّء ، من الدخور بمعنى الصَغار والذلّ. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٥٥ ( دخر ).
(٧) « لايؤوده » أي لايثقله. أصله من الأوْد بمعنى الثقل. يقال : آداني الشيءُ يؤودُني أوداً وإياداً : أثقلني. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٢ : ( أود ).
(٨) عند صدر المتألّهين في شرحه الجارّ متعلّق بمحذوف ، و « لا من عجز ولا من فترة بما خلق » جملة واحدة. وقال : « أي لايلحقه الإعياء ونحوه من عجز ولا فترة. والغرض التنبيه على كمال قدرته وأنّ العجز وما يلحقه محال عليه ».
(٩) في « بح » : ـ « من ».
(١٠) عند صدر المتألّهين في شرحه قوله : « اكتفى عِلْمَ ما خلق وخَلْق ما علم » جملة واحدة ، و « علم » الأوّل و « خلق » الثاني مفعولان لـ « اكتفى ».
(١١) في التوحيد : « لا بالتفكّر ولا بعلم حادث » بدل « لا بالتفكير في علم حادث ».