عِنْدَ خَلْقِهِ (١) ؛ إِبَانَةً لَهَا مِنْ شِبْهِهِ ، وَإِبَانَةً لَهُ مِنْ شِبْهِهَا ، فَلَمْ (٢) يَحْلُلْ فِيهَا ؛ فَيُقَالَ (٣) : هُوَ فِيهَا كَائِنٌ ، وَلَمْ يَنْأَ (٤) عَنْهَا ؛ فَيُقَالَ : هُوَ مِنْهَا (٥) بَائِنٌ ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْهَا ؛ فَيُقَالَ لَهُ : أَيْنَ (٦) ، لكِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَاطَ بِهَا عِلْمُهُ ، وَأَتْقَنَهَا صُنْعُهُ ، وَأَحْصَاهَا حِفْظُهُ ، لَمْ يَعْزُبْ (٧) عَنْهُ خَفِيَّاتُ غُيُوبِ الْهَوَاءِ (٨) ، وَلَا غَوَامِضُ مَكْنُونِ ظُلَمِ الدُّجى (٩) ، وَلَا مَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلى إِلَى الْأَرَضِينَ (١٠) السُّفْلى ، لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا حَافِظٌ وَرَقِيبٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ مُحِيطٌ ، وَالْمُحِيطُ (١١) بِمَا أَحَاطَ مِنْهَا الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي لَايُغَيِّرُهُ (١٢) صُرُوفُ الْأَزْمَانِ ، وَلَا يَتَكَأَّدُهُ (١٣) صُنْعُ شَيْءٍ (١٤) كَانَ ، إِنَّمَا قَالَ لِمَا شَاءَ (١٥) : « كُنْ » فَكَانَ.
ابْتَدَعَ مَا خَلَقَ بِلَا مِثَالٍ سَبَقَ ، وَلَا تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ (١٦) ، وَكُلُّ صَانِعِ شَيْءٍ فَمِنْ شَيْءٍ
__________________
(١) في التوحيد : + « إيّاها ».
(٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد. وفي المطبوع : « لم ».
(٣) في « ض » : + « له ».
(٤) « لم ينأ » أي لم يبعد ، من النأي بمعنى البُعد. انظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩٩ ( نأى ).
(٥) في شرح صدر المتألّهين : « عنها ».
(٦) « أيْن » بالفتح ، أي يسأل : أين هو؟ أو « أينٌ » بالتنوين ، أي يقال : له مكان ، أو يقال : إنّه أينٌ ومكان للأشياء. انظر : شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٣٦ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٨٧.
(٧) « لم يعزب » أي لم يبعد ولم يغب. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨١ ( عزب ).
(٨) في التوحيد : « الهوى ».
(٩) « الدُجى » بمعنى الظلمة مصدراً ، أو جمع دُجْيَة ، وهي الظلمة. انظر : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٤٩ ( دجا ).
(١٠) في التوحيد : « والأرضين » بدل « إلى الأرضين ».
(١١) في شرح المازندراني : « المحيط ، مبتدأ و « الواحد » خبر ، يعني المحيط علماً وحفظاً بما أحاط ... هو الواحدالأحد الصمد ».
(١٢) في التوحيد : « لم تغيّره ».
(١٣) في حاشية « ض ، بر » : « لم يتكأّده ». و « لا يتكأّده » أي لايثقله ولا يشقّ عليه. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٢٩ ( كأد ).
(١٤) في « ج ، ض » : « صنع كلّ شيء ».
(١٥) في حاشية « ف » : + « أن يقول ». وفي التوحيد : + « أن يكون ».
(١٦) « النَصَب » و « التَعَب » بمعنى واحد ، وهو الكلال والإعياء ، فالعطف للتفسير والتأكيد. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ٩١ و ٢٢٥ ( تعب ) و ( نصب ).