وَلَا يُوصَفُ (١) بِأَيْنٍ (٢) وَلَا بِمَ وَلَا مَكَانٍ (٣) ، الَّذِي بَطَنَ مِنْ (٤) خَفِيَّاتِ الْأُمُورِ (٥) ، وَظَهَرَ (٦) فِي الْعُقُولِ (٧) بِمَا يُرى فِي خَلْقِهِ مِنْ عَلَامَاتِ التَّدْبِيرِ ، الَّذِي سُئِلَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَنْهُ فَلَمْ تَصِفْهُ بِحَدٍّ وَلَا بِبَعْضٍ (٨) ، بَلْ وَصَفَتْهُ بِفِعَالِهِ (٩) ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ بِآيَاتِهِ ، لَاتَسْتَطِيعُ (١٠) عُقُولُ الْمُتَفَكِّرِينَ جَحْدَهُ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِطْرَتَهُ (١١) وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَهُوَ الصَّانِعُ لَهُنَّ ، فَلَا مَدْفَعَ لِقُدْرَتِهِ ، الَّذِي نَأى (١٢) مِنَ الْخَلْقِ (١٣) ، فَلَا شَيْءَ كَمِثْلِهِ ، الَّذِي خَلَقَ خَلْقَهُ (١٤) لِعِبَادَتِهِ ، وَأَقْدَرَهُمْ (١٥) عَلى طَاعَتِهِ بِمَا جَعَلَ فِيهِمْ ، وَقَطَعَ عُذْرَهُمْ بِالْحُجَجِ ، فَعَنْ بَيِّنَةٍ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ ، وَبِمَنِّهِ (١٦) نَجَا مَنْ نَجَا ، وَلِلّهِ الْفَضْلُ مُبْدِئاً وَمُعِيداً.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ ـ وَلَهُ الْحَمْدُ ـ افْتَتَحَ الْحَمْدَ (١٧) لِنَفْسِهِ ، وَخَتَمَ أَمْرَ الدُّنْيَا
__________________
« لا يتعاوره » ، أي لايتناوبه ولا يتداوله. يقال : تعاور القومُ فلاناً ، إذا تعاونوا عليه بالضرب واحداً بعد واحد. انظر : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٣٠ ( عور ).
(١) في « ج » وحاشية « ف ، بح » والوافي والتوحيد : « ولم يوصف ».
(٢) يجوز قراءة الكلمة بفتح النون أيضاً.
(٣) في التوحيد : « ولا بمكان » بدل « ولا بم ولا مكان ».
(٤) في حاشية « ف » : « في ».
(٥) « بطن من خفيّات الامور » أي أدرك الباطن منها ، أو المراد أنّه باطن خفيّ داخل في جملتها. انظر : شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٢٦٦ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٠٦.
(٦) في « بف » والوافي : « فظهر ».
(٧) في « ج ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ض » والوافي : « المعقول ».
(٨) في التوحيد : « ولا بنقص ».
(٩) في التوحيد : « بأفعاله ».
(١٠) في « ف » : « لا يستطيع ». وفي التوحيد : « ولا تستطيع ». وفي شرح صدر المتألّهين : « الجملة في موضع الحال عن ضمير « عليه » ؛ لأنّه بمنزلة المفعول لـ « دلّت ». ويحتمل الاستيناف بأنّها قاعدة كلّيّة ».
(١١) « الفِطْرَة » : الخلقة. يقال : فطره يفطره فطراً ، أي خلقه. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٨١ : ( فطر ).
(١٢) في « بر » والتوحيد : « بان ».
(١٣) في « ب » : « الخلائق ».
(١٤) في شرح صدر المتألّهين والتوحيد : « الخلق ».
(١٥) في حاشية « ف » : « وقدرهم ».
(١٦) في « ض » وحاشية شرح صدر المتألّهين : « وعنه ». وفي التوحيد : « وعن بيّنة » بدل « وبمنّه ».
(١٧) في التوحيد : « افتتح الكتاب بالحمد ».