خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام يَوْماً (١) خُطْبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ حُسْنِ صِفَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ (٢) مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ ؛ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : فَقُلْتُ لِلْحَارِثِ : أَوَمَا حَفِظْتَهَا؟ قَالَ : قَدْ كَتَبْتُهَا ، فَأَمْلَاهَا عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ :
« الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَايَمُوتُ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ؛ لِأَنَّهُ (٣) كُلَّ يَوْمٍ (٤) فِي شَأْنٍ مِنْ إِحْدَاثِ بَدِيعٍ (٥) لَمْ يَكُنِ ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ (٦) ؛ فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ مُشَارَكاً ، وَلَمْ يُولَدْ (٧) ؛ فَيَكُونَ مَوْرُوثاً هَالِكاً ، وَلَمْ تَقَعْ (٨) عَلَيْهِ الْأَوْهَامُ ؛ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحاً مَاثِلاً (٩) ، وَلَمْ تُدْرِكْهُ (١٠) الْأَبْصَارُ ؛ فَيَكُونَ بَعْدَ انْتِقَالِهَا (١١) حَائِلاً (١٢) ، الَّذِي لَيْسَتْ (١٣) فِي أَوَّلِيَّتِهِ نِهَايَةٌ ، وَلَا لِآخِرِيَّتِهِ (١٤) حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ (١٥) ، الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ وَقْتٌ ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ (١٦) زَمَانٌ ، وَلَا يَتَعَاوَرُهُ (١٧) زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ ،
__________________
(١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني. وفي المطبوع : ـ « يوماً ».
(٢) في « بس ، بف » والتوحيد : « ما ذكر ».
(٣) في الوافي : « لأنّ ».
(٤) في البحار : + « هو ».
(٥) « البديع » : فعيل بمعنى المفعول ، أي المبتدَع والمخترَع ، وهو ما يُحدث على غير مثال سبق. انظر : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٨٢ ( بدع ).
(٦) في التوحيد ونهج البلاغة : « لم يولد ».
(٧) في التوحيد ونهج البلاغه : « ولم يلد ».
(٨) في شرح صدر المتألّهين وحاشية ميرزا رفيعا والتوحيد : « ولم يقع ».
(٩) « الماثل » : القائم ، أو المماثل والمشابه. يقال : مَثَل ، أي قام منتصباً ، ومَثَل فلانٌ فلاناً ، أي صار مثله. انظر : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٩٤ ( مثل ).
(١٠) في « بر » : « لم يدركْه ».
(١١) في شرح صدر المتألّهين : « وفي نسخة : بعد انتفائها ».
(١٢) في حاشية ميرزا رفيعا : « خائلاً » أي ذا خيال وصورة متمثّلة في المدرك. و « الحائل » : المتغيّر. يقال : حال الشيء ، إذا تغيّر وانقلب حاله ، أي لا تدركه الأبصار وإلاّ لكان بعد انتقالها عنه متغيّراً. قال الداماد في التعليقة ، ص ٣٤٨ : « هذا إذا كان « بعد » بالنصب ظرفاً ، وأمّا إذا كان بالضمّ ، فالحائل بمعنى الحاجز ». وهو ـ أي الضمّ ـ محتمل عند المازندراني. وانظر : النهاية ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ( حول ).
(١٣) في حاشية « بح » : « ليس ». وفي التوحيد والبحار : + « له ».
(١٤) في التوحيد : « ولا في آخريّته ».
(١٥) في شرح صدر المتألّهين : « وغاية » بدل « ولا غاية ».
(١٦) في « ج » : « ولايتقدّمه ».
(١٧) في « ب ، ج ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ض » وشرح المازندراني والتوحيد : « ولم يتعاوره ». وقوله :