عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ (١) الَّذِي سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ أَثْبَتَّ (٢) الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ؟ قَالَ (٣) : « إِنَّا لَمَّا أَثْبَتْنَا أَنَّ لَنَا خَالِقاً ، صَانِعاً ، مُتَعَالِياً عَنَّا وَعَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ، وَكَانَ ذلِكَ الصَّانِعُ حَكِيماً مُتَعَالِياً ، لَمْ يَجُزْ (٤) أَنْ يُشَاهِدَهُ خَلْقُهُ وَلَايُلَامِسُوهُ (٥) ؛ فَيُبَاشِرَهُمْ وَيُبَاشِرُوهُ (٦) ، وَيُحَاجَّهُمْ وَيُحَاجُّوهُ ، ثَبَتَ أَنَّ لَهُ سُفَرَاءَ فِي خَلْقِهِ يُعَبِّرُونَ (٧) عَنْهُ إِلى خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ ، وَيَدُلُّونَهُمْ عَلى مَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ وَمَا بِهِ بَقَاؤُهُمْ وَفِي تَرْكِهِ فَنَاؤُهُمْ ، فَثَبَتَ الْآمِرُونَ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ فِي خَلْقِهِ ، وَالْمُعَبِّرُونَ (٨) عَنْهُ جَلَّ وَعَزَّ ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عليهمالسلام وَصَفْوَتُهُ (٩) مِنْ خَلْقِهِ ، حُكَمَاءَ مُؤَدَّبِينَ (١٠) بِالْحِكْمَةِ (١١) ، مَبْعُوثِينَ بِهَا ، غَيْرَ مُشَارِكِينَ (١٢) لِلنَّاسِ ـ عَلى مُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْخَلْقِ وَالتَّرْكِيبِ ـ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، مُؤَيَّدِينَ (١٣) مِنْ عِنْدِ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ بِالْحِكْمَةِ ، ثُمَّ ثَبَتَ ذلِكَ فِي كُلِّ دَهْرٍ
__________________
(١) « الزنديق » : مضى ترجمته ذيل ح ٣٣٨. قال المحقّق الداماد في التعليقة ، ص ٣٩٢ : « في بعض التواريخ : أنّلزرادشت كتاباً اسمه « زند » تتّبعه المجوس والملاحدة ؛ ولهذا سمّوا بالزنديق ». وانظر : المغرب ، ص ٢١١ ( زندق ).
(٢) « أثبتَّ » قرئ أيضاً على صيغة الغائب المجهول : اثبت واستبعده المجلسي. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٣) في « بر » : « فقال ».
(٤) « لم يجز » : صفة موضحة لـ « متعالياً » ، ويحتمل كونه خبراً بعد خبر لـ « كان » إذا كان قوله : « متعالياً » بمعنى تعاليهعن العبث واللغو. وليس جواباً لـ « لمّا » بل جوابها : « ثبت » وإلاّ لبطل نظم الخطاب ، ولم يكن لـ « ثبت » محلّ من الإعراب. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٧ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٥) في حاشية « بر » والعلل : « ويلامسوه ».
(٦) في « ض ، بح » : « فيباشروه ».
(٧) في حاشية « ف » : « يخبرون ». و « يعبرون » إمّا مجرّد ، من العبور بمعنى المرور. أو مزيد ، من التعبير بمعنى التفسير. والأوّل أظهر. والثاني أنسب بقوله : فالمعبّرون. انظر : شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٩٨.
(٨) في حاشية « ف » : « المخبرون ».
(٩) « صفوة الشيء » : خالصه. وفي الصاد الحركات الثلاث ، فإذا نزعوا « الهاء » قالوا : له صَفْو مالي ، بالفتح. انظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٠١ ( صفو ).
(١٠) في حاشية « بح » : « مؤيّدين ».
(١١) في « بس » : + « و ». وفي الوافي : « في الحكمة ».
(١٢) في حاشية « ف » : + « بها ».
(١٣) في « ج » وحاشية « ف ، بر » والوافي : « مؤيّدون ». وقرأ المازندراني في شرحه ، ج ٥ ، ص قال : « في بعض النسخ : مؤيّدين ، والأوّل أولى ؛ لفهم الثاني من قوله : مؤدّبين ».