قَالَ : فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَجِيرَتَهُ (١) ، وَاسْتَوى جَالِساً ، وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ (٢) ، وَقَالَ : هذِهِ أَرَدْتُ ، وَلَهَا أَتَيْتُ ، زَعَمْتَ (٣) أَنَّ عِلْمَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ عِنْدَ الْأَوْصِيَاءِ ؛ فَكَيْفَ يَعْلَمُونَهُ؟
قَالَ : كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَعْلَمُهُ ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَايَرَوْنَ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَرى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ نَبِيّاً وَهُمْ مُحَدَّثُونَ (٤) ؛ وَأَنَّهُ كَانَ يَفِدُ (٥) إِلَى اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ (٦) ، فَيَسْمَعُ الْوَحْيَ ، وَهُمْ لَايَسْمَعُونَ (٧).
فَقَالَ : صَدَقْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، سَآتِيكَ بِمَسْأَلَةٍ (٨) صَعْبَةٍ : أَخْبِرْنِي عَنْ هذَا الْعِلْمِ ، مَا لَهُ لَايَظْهَرُ كَمَا كَانَ يَظْهَرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قَالَ : فَضَحِكَ أَبِي عليهالسلام (٩) ، وَقَالَ : أَبَى اللهُ أَنْ (١٠) يُطْلِعَ عَلى عِلْمِهِ إِلاَّ مُمْتَحَناً لِلْإِيمَانِ بِهِ ، كَمَا قَضى عَلى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَنْ يَصْبِرَ عَلى أَذى قَوْمِهِ ، وَلَايُجَاهِدَهُمْ إِلاَّ بِأَمْرِهِ ، فَكَمْ مِنِ اكْتِتَامٍ قَدِ اكْتَتَمَ بِهِ حَتّى قِيلَ لَهُ : ( فَاصْدَعْ (١١) بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ
__________________
(١) في « و » وحاشية « ض » وشرح المازندراني والبحار ، ج ١٣ و ٢٥ و ٤٦ : « عجرته ». وفي مرآة العقول : « ففتحالرجل عجيرته ، أي اعتجاره ، أو طرف العمامة الذي اعتجر به ».
(٢) « تهلّل وجْهُه » ، أي استنار وتلألأ فرحاً وظهرت عليه أمارات السرور. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٢ ( هلل ).
(٣) في البحار ، ج ٢٥ : « وزعمت ».
(٤) في الوافي : « محدّثون » يعني يحدّثهم الملك ولايرونه.
(٥) يقال : وَفَد إليه وعليه يَفِد وَفْداً ، ووفوداً ، ووِفادةً ، وإفادةً ، أي قَدِم وورد. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٧٠ ( وفد ).
(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « عزّ وجلّ ».
(٧) في « ج » : + « قال ».
(٨) في الوافي « سأسألك مسألة ».
(٩) في المرآة : « لعلّ ضحكه عليهالسلام كان لهذا النوع من السؤال الذي ظاهرة الامتحان تجاهلاً ، مع علمه بأنه عارفبحاله ؛ أو لعدّه المسألة صعبة ، وليست عنده عليهالسلام كذلك ».
(١٠) في « ف » : + « يكون ».
(١١) قوله تعالى : (فَاصْدَعْ) أي تكلّم به جهاراً ، يقال : صدعتُ الشيءَ ، أي أظهرته وبيّنته ، وصدعتُ بالحقِّ ، أيتكلّمتُ به جهاراً. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ١٤٤٢ ( صدع ).