الآخر : فإنّه روي أنّه إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية ، فكبّر ثمّ جلس ثمّ قام ، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التّشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التّسليم كان صوابا». (١) بتقريب ، أنّه عليهالسلام حكم بالتّخيير مع أنّ النّسبة بين الحديثين عموم وخصوص مطلق ، حيث إنّ الحديث الأوّل عامّ يشمل جميع الموارد والحالات ، بخلاف الثّاني فإنّه خاصّ يشمل خصوص موردي القيام بعد رفع الرّأس من السّجدة الثّانية في الرّكعة الاولى والقيام بعد التّشهد الأوّل في الرّكعة الثّانية.
وهذا بخلاف عرف المقنّنين والمشرّعين الّذين عادتهم على بيان الأحكام والقوانين ، فلا يرى بين العامّ والخاصّ عندهم أيّ تعارض أصلا ، ففي التّقنين العادي تأتي المخصّصات أو المقيّدات بعد العمومات أو الإطلاقات بزمان قصير أو طويل لجهات ومصالح ، عمدتها عدم الوقوف والإحاطة بجميع الجوانب وأبعاد المسألة.
وكذلك في التّقنين الإلهي والتّشريع السّماوي ، فإنّ المشيّة الإلهيّة قد يتعلّق ببيان الأحكام تدريجا ، لا دفعة واحدة ، ولذا ترد المخصّصات والمقيّدات منفصلة بزمان قصير أو طويل ، فيقدّم الخاصّ أو المقيّد على العامّ أو المطلق في مقام التّقنين بلا شبهة.
وما عن القدماء من المفسّرين من الحمل على النّسخ ، فهو ناش من الغفلة عن تلك النّكتة.
وأمّا المكاتبة ، فموردها هي التّكبيرات المندوبة الّتي يجوز الفعل والتّرك فيها ،
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ٤ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١٣ من أبواب السّجود ، الحديث ٨ ، ص ٩٦٧.