وهذا الوجه قريب بالوجه الثّاني ، فيظهر جوابه من جوابه ، حيث إنّ تماميّة الإطلاق البدليّ كتماميّة الإطلاق الشّموليّ غير متوقّفة على عدم المانع ، بل الإطلاقان إنّما يتمّان بمقدّمات الحكمة فقط ، غاية الأمر ، يقع بينهما التّمانع في مادّة الاجتماع.
وبعبارة اخرى : إنّ الإطلاق البدليّ لا يتوقّف على شيء عدا مقدّمات الحكمة ، كالإطلاق الشّموليّ ، فهما ينعقدان بمعونتها فقط ، غاية الأمر ، الإطلاق الشّموليّ مانع عن العمل بالإطلاق البدليّ ، لا عن أصل انعقاده ، كما أنّ الإطلاق البدليّ ـ أيضا ـ مانع عن العمل بالشّموليّ ، لا عن أصل انعقاده ، فيكون بينهما التّمانع والتّدافع ، كما يكون بين كلّ دليلين متعارضين.
هذا تمام الكلام في الموقف الأوّل (ما إذا كان التّعارض بين الدّليلين).
وأمّا الموقف الثّاني (ما إذا كان التّعارض بين اكثر منهما) ففيه صور مختلفة عمدتها خمسة :
الصّورة الاولى : ما إذا ورد عام وخاصّان متباينان ، يكون بينهما وبين العامّ عموم وخصوص مطلق ، نظير قولنا : أكرم العلماء ولا تكرم العلماء الكوفيين ولا تكرم العلماء البصريّين ، فلا إشكال في تخصيص العامّ بكلّ واحد منهما بلا لزوم انقلاب النّسبة ، إلّا إذا استلزم ذلك استيعاب التّخصيص واستغراقه ، بحيث لم يبق تحت العامّ شيء من أفراده ، أو استلزم ذلك استهجان التّخصيص وهو التّخصيص الأكثر ، فيقع حينئذ التّعارض بين العامّ ومجموع الخاصّين ، فلا بدّ من إعمال المرجّحات السّنديّة ، فإن اخذ بالخاصّين إمّا ترجيحا على العامّ أو تخييرا بينه وبينهما ، يعمل بهما معا لعدم التّعارض بينهما بالذّات ، ولا يعمل بالعامّ ، وإن اخذ بالعامّ إمّا ترجيحا أو