الاستحباب ، والآخر يدلّ على الحرمة ، فهما يدلّان بالالتزام على نفي الوجوب الّذي هو مفاد العامّ ، ومقتضى هذا ، خروج مادّة الاجتماع عن دائرة العموم وكونه محكوما بغير حكمه ، وهذا هو معنى تخصيص العامّ حتّى بالنّسبة إلى مادّة الاجتماع.
الصّورة الرّابعة : ما إذا ورد عامّان بينهما عموم من وجه ، مع ورود خاصّ ـ أيضا ـ نظير قولنا : «أكرم النّحويّين» و «لا تكرم الصّرفيّين» و «يستحب إكرام النّحويّ غير الصّرفيّ» ، ففي هذه الصّورة ، تارة يكون مفاد الخاصّ إخراج مادّة افتراق أحد العامّين ، كما في المثال ، فإنّ الخاصّ وهو قولنا : يستحب إكرام النّحويّ غير الصّرفيّ يفيد خروج مادّة افتراق العامّ الأوّل (أكرم النّحويّين) ، واخرى يكون مفاد الخاصّ إخراج مادّة اجتماع العامّين ، كما في مثل «اكرم النّحويّين «ولا تكرم الصّرفيّين» و «يستحب إكرام النّحويّ الصّرفيّ» فإنّ الخاصّ في هذا المثال يفيد خروج مادّة الاجتماع (النّحويّ الصّرفيّ) فعلى الأوّل (إخراج مادّة الافتراق) تنقلب النّسبة بين العامّين بعد التّخصيص ، من العموم من وجه إلى العموم المطلق ؛ إذ بعد تخصيص العامّ الأوّل (أكرم النّحويّين) وإخراج النّحويّ غير الصّرفيّ من تحته يصير العامّ الأوّل أخصّ مطلقا من العامّ الثّاني (لا تكرم الصّرفيّين) فالمراد من «أكرم النّحويّين» هو «أكرم النّحويّين الصّرفيّين ، وهذا أخصّ مطلقا من «لا تكرم الصّرفيّين» فكأنّه قيل : لا تكرم الصّرفيّين إلّا الصّرفيّين النّحويّين.
وأمّا على الثّاني (إخراج مادّة الاجتماع) تنقلب النّسبة بين العامّين بعد التّخصيص ، من العموم من وجه إلى التّباين ، فيختصّ العامّ الأوّل (أكرم النّحويّين) بوجوب إكرام النّحويّ غير الصّرفيّ ، لكون النّحويّ الصّرفيّ مستحب الإكرام حسب