« أبو هريرة » إلى اشتراك هؤلاء الثلاثة في إنذار النبي لهم ، إذ قال لهم يوماً وهم جلوس : آخركم موتاً في النار ، فقد قال السيّد شرف الدين ما نصّه :
وهذا أسلوب حكيم من أساليبه في إقصاء المنافقين عن التصرّف في شؤون الإسلام والمسلمين ، فإنّه لما كان عالماً بسوء بواطن هؤلاء الثلاثة أراد أن يشرب في قلوب أُمّته الريب فيهم والنفرة منهم ، إشفاقاً عليها أن تركن إلى واحد منهم في شيء ممّا يناط بعدول المؤمنين وثقاتهم .
فنصّ بالنار على واحد منهم وهو آخرهم موتاً ، لكنّه أجمل القول فيه على وجه جعله دائراً بين الثلاثة على السواء ، ثمّ لم يتبع هذا الإجمال بشيء من البيان ، وتمضي الأيّام والليالي على ذلك ويلحق صلىاللهعليهوآله بالرفيق الأعلى ولا بيان ، فيضطرّ أولي الألباب من أُمّته إلى إقصائهم جميعاً عن كلّ أمر يناط بالعدول والثقات من الحقوق المدينة في دين الإسلام لاقتضاء العلم الإجمالي ذلك بحكم القاعدة العقلية في الشبهات المحصورة ، فلولا أنّهم في وجوب الإقصاء على السواء لاستحال عليه ـ وهو سيّد الحكماء ـ عدم البيان في مثل هذا المقام .
فإنْ قلت :
لعلّه بين هذا الإجمال بقرينة خفيت علينا بتطاول المدّة .
قلنا :
لو كان ثمة قرينة ما كان كلّ من هؤلاء في الوجل من هذا الإنذار على السواء .
على
أنّه قد عرفت ممّا سبق أنّه لا فرق في هذه المشكلة بين عدم البيان واختفائه بعد صدوره لاتّحاد النتيجة فيهما بالنسبة إلينا إذ لا مندوحة لنا عن العمل بما
يقتضيه