العلم الإجمالي من تنجيز التكليف في الشبهة المحصورة على كلا الفرضين كما بيّناه آنفاً .
فإن قلت :
إنّما كان المنصوص عليه بالنار مجملاً قبل موت الأوّل والثاني منهم وبسبقهما إلى الموت تبيّن وتعيّن أنّه إنّما هو الباقي بعدهما بعينه دون سابقيه ، وحينئذٍ لا إجمال ولا إشكال .
قلنا :
أوّلاً : علمت مّما ذكرناه آنفاً أنّ الأنبياء عليهمالسلام كما يمتنع عليهم ترك البيان مع الحاجة إليه يستحيل عليهم تأخيره عن وقت الحاجة ، وعلمت أيضاً أنّ وقت الحاجة هنا متّصل بصدور هذا الإنذار لو كان لأحد الثلاثة شيء من الاعتبار ، لأنّهم منذ أسلموا كانوا محلّ ابتلاء المسلمين في الحقوق المدنية الدينية كما بيّناهُ آنفاً ، فلولا وجوب إقصائهم عنها لما أخّر البيان اتّكالاً على صروف الزمان ، وحاشا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقصى أحداً عن حقّه طرفة عين ، ومعاذ الله أن يخزي من لا يستحقّ الخزي ثمّ يبقيه على خزيه حتّى يموت مخزيّاً إذ لا تعرف براءته ـ بناء على هذا الفرض الفاسد ـ إلّا بموته .
وثانياً : إنّا ـ شهد الله ـ بذلنا الطاقة بحثاً وتنقيباً ، فلم يكن في الوسع أن نعلم أيّهم المتأخّر موتاً لأنّ الأقوال في تاريخ وفياتهم بين متناقض متساقط وبين مجمل متشابه لا يركن إليها كما يعلمه متتبعوها .
وثالثاً : لم يكن من خُلق رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو العزيز عليه عنت
المؤمنين الحريص