عليهم الرؤوف بهم الرحيم لهم أن يجابه بهذا القول ـ آخركم موتاً في النار ـ من يحترمه ، وما كان ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ليفاجئ به (أو بقوله : لضرس أحدكم في النار) غير مستحقّيه ، ولو أنّ في واحد من هؤلاء الثلاثة (أو من أولئك) خيراً ما أشركه في هذه المفاجأة القاسية والمجابهة الغليظة ، لكن اضطرّه الوحي إلى ذلك نصحاً لله تعالىٰ وللأُمّة ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) .
على أنّ أحوال هؤلاء الثلاثة كلّها قرائن قطعيّة على ما قلناه حول إنذارهم هذا كما أنّ أحوال أولئك أدلّة ما قلناه فيهم .
وحسبك من أبي هريرة ما تبوّأه من مقعده .
ويكفيك من سمرة إسرافه الفظيع في دماء المسلمين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وبيعه الخمر علانية ومضارته للأنصار ، وتمرّده على ما دعاه النبيّ صلىاللهعليهوآله يومئذٍ إليه من الصلح وزهده في الجنّة على وجه يستفاد منه عدم إيمانه وشجّه رأس ناقة النبيّ استخفافاً وامتهاناً إلى غير ذلك من بوائقه .
وناهيك
من أبي محذورة أنّه من الطلقاء والمؤلّفة قلوبهم ، دخل في الإسلام بعد فتح مكّة ، وبعد أن قفل رسول الله صلىاللهعليهوآله من حنين منتصراً على
هوازن ، ولم يكن شيء أكره إلى أبي محذورة يومئذٍ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا ممّا يأمره به ، وكان يسخر بمؤذّن رسول الله صلىاللهعليهوآله فيحكيه رافعاً صوته
استهزاء لكن صرة الفضة التي اختصّه بها رسول الله صلىاللهعليهوآله وغنائم حنين التي
أسبغها على الطلقاء من أعدائه ومحاربيه وأخلاقه العظيمة التي وسعت كلّ من اعتصم بأوّل الشهادتين من أولئك المنافقين مع شدّة وطأته على من لم يعتصم بها ودخول العرب في دين الله أفواجاً ، كلّ ذلك ألجأ أبا