قال الشافعي رحمه الله : أدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذّن كما حكى ابن محيريز يعني بالترجيع قال : وسمعته يحدّث عن أبيه عن ابن محيريز ، وقال الشافعي في القديم الرواية في الأذان تكلّف لأنّه خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين يعني مسجدي مكّة والمدينة على رؤوس المهاجرين والأنصار ومؤذّنوا مكّة آل أبي محذورة ، وقد أذّن أبو محذورة للنبيّ صلىاللهعليهوآله وعلمه الأذان ثمّ ولده بمكّة وأذن آل سعد القرظ منذ زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبي بكر رضي الله عنه كلّهم يحكي الأذان والإقامة والتثويب ووقت الفجر كما ذكرنا ، فإن أجاز أن يكون هذا غلطاً من جماعتهم والناس بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا ذلك جاز له أن يسألنا عن عرفة ومنى ثمّ يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت لكان أجوز له من مخالفتنا في هذا الأمر الظاهر المعمول به ، وروى البيهقي عن مالك قال : أذّن سعد القرظ في هذا المسجد في زمن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله متوافرون فلم ينكره أحد منهم وكان سعد وبنوه يؤذّنون بأذانه إلى اليوم فقيل له : كيف أذانهم ، فقال : يقول : اللهُ أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر فذكره بالترجيع قال والإقامة مرّة مرّة قال أبو عبد الله محمّد بن نصر فأرى فقهاء أصحاب الحديث قد أجمعوا على أفراد الإقامة واختفوا في الأذان في الأذان يعني إثبات الترجيع وحذفه والله أعلم (١) .
هذا ما قاله النووي وقد كان لخّص أدلة الشافعية على الترجيع قبل ذلك في أربع نقاط ، إذ قال : واحتجّ أصحابنا بحديث أبي محذورة قالوا : هو مقدّم على حديث عبد الله بن زيد لأوجه :
______________________
(١) المجموع ٣ : ٩٦ ـ ٩٧ .