وثانياً : إن ما جاء في المعجم الكبير يخالف ما رواه الحافظ ابو علي العلوي من طريق [ ابن هارون عن ] يحيى بن الحميد الحماني ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي محذورة قال النبي الحق فيها حي على خير العمل .
وقد علق محمد سالم عزّان في كتابه (حي على خير العمل) على هذه الرواية الأخيرة بالقول :
|
وهذه دعوى ينقصها الدليل ، إذ ترجيح رواية الحضرمي على رواية ابن هارون يحتاج إلى مرجح مقبول ، خصوصا وأنّه قد روي من طرق عدة أن جملة (الصلاة خير من النوم) لم تضاف إلى الأذان إلّا في أيام عمر بن الخطاب ، وعلى ذلك رواية الإمام مالك في المؤطا (١) . |
ومن الثابت المعلوم عند الجميع أنّ الإمام مالك حينما قال : (بلغنا أنّ عمر قال لمؤذّنيه) كان لا يريد تشويه سمعت عمر والتنقيص من منزلته عن المسلمين ، بل أنّه أراد الأشارة إلى حقيقة تاريخية وقف عليها ، ليس إلّا .
وبهذا فقد اتّضح لك أنّ الروايات التي فيها التثويب أغلبها ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها بعكس التي ليس فيها التثويب والتي ستأتي بعد قليل ، فهي أصحّ إسناداً من التي ورد فيها التثويب .
ولأجل ذلك شك الشافعي في نسبة المحكي عن أبي محذورة عن النبي في التثويب ، ومع ذلك ترى أتباعه يعملون على خلاف فتوى إمامهم .
أجل ، إنّ الروايات الخالية من التثويب قد وردت في الكتب المعتمدة والصحاح
______________________
(١) حي على خير العمل لعزام : ٢٣ .