منذ زمن ومسألة تراود فكري ولم أهتد إلى توجيهٍ مقنع لها ، وهي :
كيف يكون في الشريعة أذانان لفريضة واحدة ، أحدهما قبل الوقت والأخرى بعد الوقت ؟
بل كيف يُسَنّ الأذان لغير الفريضة ؟
بل ماذا يعني وجود إمامين لصلاة واحدة ؟ وغير ذلك .
هذه الأسئلة وغيرها معها أخذت حيّزاً كبيراً من تفكيري بحيث دعتني إلى البحث والتنقيب فيها .
فهم قد طرحوا هذه المسائل في كتب الفقه والعقيدة بكلّ هدوء ، كأنْ لم يكن فيه شيء ممّا يثير الانتباه له والاهتمام به ، بل كأنّه هو شيء مسلم ، فقالوا معلّلين ذلك بأنّ الأذان الأوّل هو قبل الفجر ، وقد شرّع لإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ، والأذان الثاني هو لصلاة الفجر ، مع علمنا وعلم جميع المسلمين بعدم جواز الأذان لغير الفريضة ، فماذا يعني أذانهم بالليل ؟
أجل ، إنّهم لمّا قالوا بمسنونية وجود أذانين في الشريعة ، قالوا بعده بلزوم وجود مؤذّنين لهما لكي يُميَّز أحدهما عن الآخر ، فقالوا بأنّ بلال الحبشي الصاحي البصير كان يؤذّن بالليل ، وابن أُمّ مكتوم الأعمى يؤذّن بالصبح .