قال الكاشاني في (بدائع الصنائع) : الأذان شُرّع للإعلام بدخول الوقت ، والإعلام بالدخول قبل الدخول كذب ، وكذا هو من باب الخيانة في الأمانة ، والمؤذّن مؤتمن على لسان رسول الله ، ولهذا لم يَجُزْ في سائر الصلوات ، ولأنّ الأذان قبل الفجر يؤدّي إلى الضرر بالناس ، لأنّ ذلك وقت نومهم خصوصاً في حقّ من تهجّد في النصف الأوّل من الليل ، فربّما يلتبس الأمر عليهم ، وذلك مكروه .
وروي أنّ الحسن البصري كان إذا سمع مَن يؤذّن قبل طلوع الفجر قال : علوج فراغ لا يصلّون إلّا في الوقت ، لو أدركهم عمر لأدّبهم (١) .
وفي (المدوّنة الكبرى) لمالك : قال ابن القاسم وقال مالك : لا يُنادىٰ بشيءٍ من الصلوات قبل وقتها إلّا الصبح ، وقد قال رسول الله : إنّ بلالاً ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتّى ينادي ابن أُمّ مكتوم ، وقال : وكان ابن أُمّ مكتوم رجلاً أعمى لا ينادي حتّى يقال له : أصبحت ، أصبحت . قال : ولم يبلغنا أنّ صلاةً أُذّنَ لها قبل وقتها إلّا الصبح ، ولا ينادى لغيرها قبل دخول وقتها ، لا الجمعة ولا غيرها (٢) .
وفيه أيضاً : ابن وهب عن عبد الله بن عمر ، وأُسامة بن زيد عن نافع ، أنّ عبد الله بن عمر كان لا يؤذّن في السفر بالأولىٰ ، ولكنّه كان يقيم الصلاة ويقول : إنّما التثويب بالأولى في السفر مع الأُمراء الذين معهم الناس ليجتمع الناس إلى الصلاة (٣) .
______________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ١٥٤ .
(٢) المدوّنة ١ : ٦٠ .
(٣) المدوّنة ١ : ٦١ ، تنوير الحوالك ١ : ٨٨ و ٩٥ ، فتح المالك ٢ : ١٧ ، ٢٥ ، ٢٩ .