وقال ابن قدامة الحنبلي في (المغني) : قال بعض أصحابنا : ويجوز الأذان للفجر بعد نصف الليل ، وهذا مذهب الشافعي ، لأنّ بذلك يخرج وقت العشاء المختار ويدخل وقت الدفع من المزدلفة وقت رمي الجمرة وطواف الزيارة ... (١) .
وفي (الشرح الكبير) : وأمّا الفجر فيشرع له الأذان قبل الوقت ، وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق .
وقال الثوري وأبو حنيفة ومحمّد : لا يجوز ؛ لما روى ابن عمر أنّ بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر ، فأمره النبيّ أن يرجع وينادي ألا إنّ العبد نام ، فرجع فنادى : ألا إنّ العبد نام .
وعن بلال أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال له : لا تؤذّن حتّى يستبين لك الفجر هكذا ، ومدّ يده عرضاً ، رواهما أبو داود .
وقالت طائفة من أهل الحديث : إذا كان له مؤذّنان يؤذّن أحدهما قبل طلوع الفجر والآخر بعده فلا بأس ، وإلّا فلا ، لأنّ الأذان قبل الفجر يفوّت المقصود من الإعلان بالوقت ، فلم يجز كبقية الصلوات (٢) .
وقال المقدسي في (الشرح الكبير على المقنع) :
وينبغي لمن يؤذّن قبل الوقت أن يجعل أذانه في وقت واحد من الليالي كلّها ليعرف الناس ذلك من عادته ، فلا يُغْتَرُّ بأذانه ، ولا يؤذّن في الوقت تارةً وقبله أخرى فيلتبس على الناس ويغترّون به ، فربّما صلّى بعض من سمعه الصبح قبل وقتها
______________________
(١) المغني ١ : ٤٥٧ .
(٢) الشرح الكبير ١ : ٤٤١ .