فالإمامان الصادق والباقر عليهماالسلام كانا معاصرين لمالك وأبي حنيفة ، فالإمام الباقر يجيز الإتيان بجملة « الصلاة خير من النوم » إذا كان وحده ، أو يريد أن يجمع الناس للصلاة ، فيجوز له أن يقول ذاك مع « حيَّ على الفلاح » دون غيره من الفصول الأذانية ، أمّا لو أُريد إدخاله في الأذان فلا يجيزه بل هو حرام عنده بخلاف مالك الذي أجاز إدخال هذه الجملة في الأذان الشرعي ، وحُكي عن الشافعي أنّه لم يكن يؤذّن بها حتّىٰ جاء المدينة فأخذ يؤذّن بها ، وهذا الخلاف المشهود بين التابعين يؤكّد عدم استقرار المسلمين عليه .
إذن فالذي احتمله وأذهب إليه أنّ « الصلاة خير من النوم » وأمثاله كـ « حيّ على الفلاح » أو « انهضوا إلى الصلاة » أو « إشرب الماء وعجّل » ـ في شهر رمضان خاصّة ـ كان ينادى بها كجمل مستقلّة لإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ، وهي أُمور جائزة شرعاً ، لكنّهم بعد وفاة رسول الله سعوا إلى أن يدرجوها ويدخلوها في الأذان الشرعيّ ، وهذا هو الذي اختلف المسلمون في شرعيّته .
وأمّا ما رووه بأنّه كان في أصل الأذان فهو غير صحيح سواء المروي عند الجمهور أو في بعض أخبارنا ، إذ صرّح علماؤنا بأنّ تلك الأخبار عندنا محمولة على التقيّة لمخالفتها للأُصول ، أمّا المرويّة عندهم فقد ناقشناها سنداً ودلالةً مبيّنين ملابسات صدورها وخلفيّات الأُمور فيها ، وقد أتينا بأسماء بعض علماؤهم ومحدّثيهم ، وإليك ما جاء في « مصنّف » عبد الرزّاق عن ابن جريج قال : سألت عطاء بن أبي رباح : متى قيل : الصلاة خير من النوم ؟ قال : لا أدري (١) .
______________________
(١) مصنّف عبد الرزاق ١ : ٤٧٤ / ح ١٨٢٨ .