وبما أنّ بلالاً كان يؤذّن للأوقات جميعاً ومنها وقت الصبح ، وقد أخطأ مرّة في تشخيص الوقت ـ كما يقولون ـ فقال له صلىاللهعليهوآله : لا تؤذّن حتّى يستبين لك الفجر ، فقد استغلّوا ذلك الخطأ للادّعاء بوجود ضعف في بصره ، في حين أنّ الأمر لم يكن كما قالوا ، بل هو اتّهام يعرفه من وقف على تاريخ الأحداث ، إذ لم يكن بلالٌ على وفاق مع الشيخين ، حسبما وضّحناه في الكتاب الأوّل من هذه الدراسة « حي على خير العمل » (١) .
وأنّ أذانه وأذان غيره ـ كعبد الله بن زيد بن عبد ربّه الأنصاري وابن أُمّ مكتوم ـ لم يكن فيه « الصلاة خير من النوم » ، وأنّ النهج الحاكم بعد رسول الله كان يسعى لإضافة هذه الجملة في الأذان ، وبلال لا يمكنه مسايرتهم ، فلزم بيته ولم يؤذّن لأحدٍ من الخلفاء (٢) .
وقد روى أبو بصير عن أحد الصادِقَين (الباقر أو الصادق عليهماالسلام) : أنّ بلالاً كان عبداً صالحاً ، فقال : لا أُؤذّن لأحد بعد رسول الله ، فتُرك يومئذٍ « حيّ على خير العمل » (٣) .
وفي « تهذيب الأسماء » للنووي : فلمّا وُلّي أبو بكر الخلافة وترك بلال الأذان نقله [ أي نقل سعدَ القرظ ] أبو بكر إلى مسجد رسول الله ليؤذّن فيه ، فلم يزل يؤذّن فيه حتّى مات في أيّام الحجّاج بن يوسف الثقفي ، وتوارث بنوه الأذان ، وقيل : الذي نقله عمرُ بن الخطّاب (٤) .
______________________
(١) انظر الفصل الثاني منه « حذف الحيعلة وامتناع بلال عن التأذين » .
(٢) الاختصاص للمفيد : ٧٣ .
(٣) مَن لا يحضره الفقيه ١ : ١٨٤ / ح ٨٧٢ .
(٤) تهذيب الأسماء ١ : ٢٠٧ .