ومن جهة أخرى فإنّ خبر أنس الآنف لا يتّفق مع الأخبار الأخرى المرويّة عن عائشة وعن غيرها ، فإنّه صلىاللهعليهوآله خرج إلى المسجد وهو متّكئ على العباس ورجلٍ آخر . فلا ندري أنأخذ بخبر أنس أو بخبر عائشة ، أو بخبر غيرهما ؟!
فهناك اضطرابٌ كبير مشهود في روايات صلاة أبي بكر ، فلا ندري ما الذي يصحّ فيه ، هل هو المتواتر المشهور عندهم وأنّ رسول الله قال : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس وعائشة تخالف وتشاكس كلامه ، أو الموجود في النصوص الأخرى بأنّه صلىاللهعليهوآله لم يعيّن أحداً وترك الأُمّة لشأنها وأنّ عبد الله بن زمعة اختار عمر بن الخطاب لعدم وجود أبي بكر .
فلا ندري ما الصحيح ، فإذا كان رسول الله قد عيّن أبا بكر للصلاة فما يعني سؤاله في مرضه : أصلّى الناس ، وسماعه لجواب نسائه : لا ، هم ينتظرونك لثلاثة مرّات ، ثمّ طلب الرسول أن يضعوا له ماء في المخضب مرّة أخرى ليغتسل وهم يفعلون ذلك ، فيغمى عليه ثمّ يفيق ويسأل السؤال السابق ويسمع بنفس الجواب ، وأخيراً حينما يسمع بصلاة أبي بكر ويجد في نفسه خفّة يخرج بين رجلين إلى المسجد ، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر فأومأ النبيّ بأن لا يتأخّر وقال : اجلساني إلى جنبه ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، فجعل أبو بكر يصلّي قائماً وهو يأتمّ بصلاة النبيّ والناس بصلاة أبي بكر والنبي قاعد (١) .
______________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٥٢ ـ ٥٣ ، وج ٧ : ١٥٢ ـ ١٥٣ مسند عبد الله بن عمر ، صحيح البخاري ١ : ١٦٦ ـ ١٦٧ كتاب الصلاة ، صحيح مسلم ٢ : ٢٠ ـ ٢١ باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ، سنن النسائي (المجتبى) ٢ : ٧٨ ـ ٧٩ باب الائتمام بالإمام يصلّي قاعداً ، سنن الدارمي ١ : ٢٣٠ ـ ٢٣١ / ١٢٦٠ باب فيمن يصلّي خلف الإمام والإمام جالس .