وإذا قبلنا بأنّ الصبح وقت غفلة ونوم ، فالظهر وقت غفلة وتجارة أيضاً ، فالصحابة تركوا رسول الله يوم الجمعة وانفضّوا إلى اللهو وإلى التجارة (١) ، فلماذا لم يأمر عمر مناديه أن يقول في صلاة الظهر أو صلاة الجمعة « الصلاة خير من اللهو ومن التجارة » مثلاً ؟ لو وضعت الأولى لايقاظ النائمين وتنبيه الغافلين ؟ فالثانية كذلك .
وهل هناك ترابط عقدي بين رفع الحيعلة الثالثة ووضع « الصلاة خير من النوم » أم جاء الأمر عفوياً ؟ وإذا كان عفوياً فلماذا نرى أنّ من يقول بشرعية « حيّ على خير العمل » لا يقول بشرعية « الصلاة خير من النوم » والعكس بالعكس .
بل لماذا نرى الحكومات الشيعية عندما تحكم تسعى لتحكيم « حيّ على خير العمل » في الأذان وحذف « الصلاة خير من النوم » منها (٢) ، بعكس الحكومات العامّيّة التي تفعل العكس فتضع « الصلاة خير من النوم » وتحذف الحيعلة الثالثة من
______________________
(١) في مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٧ عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن أبي سفيان في سبب نزول هذه الآية : فانفض الناس إلّا علي والحسن والحسين وفاطمة عليهمالسلام وسلمان وأبا ذر والمقداد وصهيب ، وتركوا النبي صلىاللهعليهوآله قائماً يخطب على المنبر ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي ، فلو لا الفئة الذين جلسوا في مسجدي لأُضرمت المدينة على أهلها ناراً ، وحُصبوا بالحجارة كقوم لوط ، ونزل فيهم ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ) .
وفي منتخب مسند عبد بن حميد : ٣٣٥ / ح ١١١١ عن جابر بن عبد الله : قدمت عير فانفضوا إليها فلم يبق إلّا اثنا عشر رجلاً . وهو في صحيح ابن خزيمة ٣ : ١٦١ .
(٢) انظر في ذلك أخبار بني عبيد ١ : ٥٠ ، ٨٤ ، الخطط للمقريزي ٢ : ٣٤٠ ، ٣٤٢ ، وفيات الأعيان ١ : ٣٧٥ ، سير أعلام النبلاء ١٥ : ١٦٠ ، تاريخ ابن خلدون ٤ : ٦٠ ، ٤٨٠ ، الكامل لابن الأثير ٧ : ٣١ ، ٨ : ٨٣ ، المنتظم ١٦ : ٣٢ ، حوادث سنة ٤٥٠ ، تاريخ بغداد ٩ : ٤٠١ .