وثالثاً : إنّ ما علّله عمر لا يتّفق مع قوله صلىاللهعليهوآله : « إنّ خير أعمالكم الصلاة » (١) وقوله : « إنّها عمود الدين فمن تركها فقد هدم الدين » (٢) ، فلو صحّ تعليل عمر للزمه ضرب كلّ هذه النصوص .
ورابعاً : إنّ التحزّب الموجود بين المسلمين في هذه المفردة إلى يومنا هذا يرشدنا إلى تخالف فكريّ بين النهجين :
أحدهما يصرّ على الإتيان بها على الرغم من كلّ المصاعب .
والآخر يجدّ لتضعيف الحيعلة الثالثة والقول بأنّها لم تكن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو أنّ رسول الله أبدلها بجملة « الصلاة خير من النوم » ، وهذا ليشير إلى أنّ السبب ليس كما قالوه وعلّلوه ، بل يومي إلى هناك هدفاً غير معلن سُتِرَ تحت مزعمة الخوف من اتكّال المسلمين على الصلاة وترك الجهاد .
وباعتقادي أنّ الأمر هو كما قال ابن عباس : تركوا السنة من بغض عليّ (٣) ، فالأمر يعود إلى إمامة الإمام عليّ عليهالسلام إذ كلّ الناس يعلمون أنّ عمر كان لا يرتضي اجتماع النبوة والخلافة في بني هاشم (٤) ، وقد ثبت عنه بأنّه كان من الناهين عن تدوين ورواية شأن النزول مع التنزيل في المصاحف ، وكان ينهى عن كتابة حديث رسول الله بدعوى خوفه من اختلاطه بالقرآن (٥) ، ومعناه أنّه كان لا يرتضي ما جاء
______________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ١٠١ / ح ٢٧٧ ، سنن الدارمي ١ : ١٧٤ / ح ٦٥٥ .
(٢) غوالي اللئالي ١ : ٣٢٢ / ح ٥٥ ، شرح النهج ١٠ : ٢٠٦ .
(٣) الأحاديث المختارة ١٠ : ٣٧٨ ، سنن النسائي المجتبى ٥ : ٢٥٣ / ح ٣٠٠٦ .
(٤) المسترشد : ٦١٧ ، ٦٨٤ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٨٩ ، ١٢ : ٥٣ .
(٥) انظر مصنف عبد الرزاق ١١ : ٢٥٧ ح ٢٠٤٨٤ ، تقييد العلم : ٤٩ ، ٥٠ ، ٥١ ، المدخل إلى السنن الكبرى ١ : ٤٠٧ ح ٧٣١ .