وقد وضّحنا سابقاً سبب تأكيدهم على جملة « الصلاة خير من النوم » في الصبح لا غير ، فلو كان للتنبيه والإشعار لإيقاظ فيجب أن يكون عامّاً وليبدلوها بـ « حيّ على القيام » أو « هيا إلى العبادة » أو ما شابه ذلك .
كما أنّ هذا التعليل منهم يمكن أن يرد بأنّ القول في صلاة الظهر أو الجمعة « الصلاة خير من اللهو ومن التجارة » مثلاً هو الأهم ، لأنّه وقت اللهو بالتجارة أخذاً بمفهوم الآية الشريفة .
هذا ، مع التأكيد على أنّ الإنسان لو كان نائماً فلا يستيقظ بجملة أو جملتين سواء قال فيها المؤذّن « الصلاة خير من النوم » أو « حيّ على الصلاة » أو أيّ شيء آخر .
أمّا لو كان منتبهاً أو فيفيق بسماعه أقلّ شيء ؟
إذن فما المعنى بـ « الصلاة خير من النوم » ؟ هل يعني معناها السطحي والذي يعرفه الجميع ، أم لواضعها عناية أخرى ؟
الظاهر أنّه قصد معناها الظاهري المأنوس فهمه للجميع ، وهو الاستيقاظ لصلاة الفجر خير من المكوث في فراش النوم ، لكنْ لو ضُمَّت هذه الجملة الصادرة عن عمر إلى ما عرفناه من سيرته وأهدافه في رفع الحيعلة الثالثة وسعيه لإزواء الإمام عليّ عن الإمامة ، ودوره في تحكيم خلافة أبي بكر ، واتّخاذه الاجتهاد مقابل النص منهجاً ، فلا يستبعد أن يكون مقصودُهُ شيئاً آخر ، إذ انّ القضايا الخلافية والمصيرية لا يمكن دراستها من وجهة نظر واحدة بعيداً عن ملابساتها ، بل يجب على الباحث أن يقف ـ مع ما عنده ـ على أقوال الآخرين وما بحوزتهم من مستندات وأدلّة .