يبعد أن يكون عمل هؤلاء مؤشّراً عن منويّات ومُتَبَنَّيات مَنْ سبقهم من الخلفاء ، وقد مرّ عليك ما قاله معاوية لعمّاله بأن لا يتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلّا ويأتون بمناقض له في الصحابة (١) .
ومعاوية ترك السنّة بغضاً لعلي ، وأنّه حَذَفَ البسملة من الحمد والسورة ، مع علمه بأنّها صادرة من الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وأنّ عليّاً لم يصر عليها إلّا لأنّه المدافع عن حرم الله ورسوله الذاب عنهما الباذل مهجته فيهما ، وأنّ المنهج العلوي النبوي يعتبر الجهر بها من علائم المؤمن ،فلا يستبعد أن يكون اهتمامهم بجعل « الصلاة خير من النوم » بدل « حيّ على خير العمل » في الأذان جاء إطفاءً لذكر الله ومخالفةً لعلي عليهالسلام ، لكنّ الله مُتِمّ نوره ولو كره الكافرون .
|
قال الشيخ محمد أبو زهرة : لا بدّ أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار عليّ في القضاء والإفتاء ، لأنّه ليس من المعقول أن يلعنوا عليّاً فوق المنابر وأن يتركوا العلماء يتحدّثون بعلمه وينقلون فتاواه وأقواله خصوصاً ما يتصل بأسس الحكم الاسلامي (٢) . |
أقول : ألم تكن خلافة أبي بكر أو إمامة عليّ هي أساس الحكم الإسلامي ، فهل يعقل أن لا يكون لمعاوية وأترابه أثر في ترسيخ خلافة أبي بكر مقابل إمامة الإمام علي ، وخصوصاً بعد معرفتنا هذا التقابل بدلالة « حي على خير العمل » على الولاية .
______________________
(١) أنظر : شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٤ ـ ٤٥ ، ٤ : ٦٣ .
(٢) تاريخ المذاهب الإسلامية : ٢٨٥ ـ ٢٨٦ .