يسيء إلى واضعها ، فعنى المعنى المكنون والباطني فيها ، وقد جاء هذا فيما استدل به على الأنصار في السقيفة ، وهو استدلاله بصلاة أبي بكر وفضيلة الغار معاً ، واللَّذان اعتُبِرتا في العصور المتأخرة من أدلة خلافة أبي بكر .
وإنّ استدلال معاوية بفضيلة الغار والمضادة مع فضيلة المبيت مما لا يمكن انكاره بل الأكثر من ذلك فإنه حرّف شأن نزول الآيات الواردة في علي وجعلها في شأن ارذل الناس ابن ملجم وصهيب وأمثالهما .
قال أبو جعفر : وقد روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة الف درهم حتى يروي ان هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ .... إلى قوله : وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) ، وإن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ ) ، فلم يقبل فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل ، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل ، فبذل له اربعمائة ألف فقبل ، وروى ذلك (١) .
تأمل في موقف معاوية كيف يريد أن يحرف شأن نزول الآية ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ) والتي نزلت في مبيت الإمام علي إلى نزولها في عدوه ابن ملجم لكي لا يستدل الشيعة بها في زمانه وبعد وفاته .
أضف إلى ذلك أن معاوية حينما كتب إلى عمرو بن العاص يستميله على قتال أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، جاء في كتابه إلى عمرو : فلن يخفى عليك احتراق قلوب
______________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ : ٧٣ ، واُنظر الغدير ١١ : ٣٠ .