لأمكننا القول بأنّ إبدال عمر الحيعلة الثالثة بـ « الصلاة خير من النوم » يعني ربط القوم أوّل الادّعاء بآخره ، والقول بأنّ صلاة أبي بكر ؛ والتي اعتبرت دليلاً على إمامته بأَخرة ، خير من نوم عليّ على فراش رسول الله والذي كان في أول الدعوة ، أي أنّهم أرادوا أن يربطوا دليلهم المتأخّر بأوّل فضيلة لأبي بكر في أوّل الدعوة ! وذلك للتقارب الزماني بين الحدثين ـ المبيت والغار ـ وارتباطهما بأبي بكر وعلي .
فواقعة الغار يسبقها النوم على فراش رسول الله من قبل الإمام علي .
وقضية صلاة أبي بكر تسبقها رزية يوم الخميس ، والتي أراد النبيّ أن ينصّ فيها على إمامة الإمام عليّ ، وقد تقدم أن عمر عرف ذلك فقال : « أن الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله » .
وهذا التقديم والتأخير يلفت انتباهنا إلى قضية مهمّة في التشريع ، ألا وهي سبق كلّ تحريف بشيء صحيح وثابت في الشرع ، أي أنّهم حيث لا يمكنهم رد الأصيل يلجؤون إلى قبوله ، ثم الادّعاء بأنّه منسوخ أو مُعارَض ، أو له وجه آخر أو ... ، وهذا كثيراً ما نراه في المسائل الخلافية بين الشيعة والسنة . كالمسح على الأقدام (١) ، والتكبير على الجنازة أربعاً (٢) ، ونكاح المتعة (٣) ، وفسخ الحجّ إلى عمرة (٤) ، وعدم الوضوء من مس الفرج (٥) .
______________________
(١) الإحكام لابن حزم ٤ : ٥١٠ ، اختلاف الحديث : ٤٨٥ ، عون المعبود ١ : ١١٩ عن الطحاوي وابن حزم .
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ٧ : ٢٦ .
(٣) فتح الباري ١٢ : ٣٣٤ ، جواهر العقود ٢ : ٢٢ .
(٤) فتح الباري ٣ : ٤٣٢ .
(٥) انظر المحلى ١ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ طبعة دار الفكر .