قال ابن الأنباري : « الصلاة خير من النوم » سُمّي تثويباً ؛ لأنّه دعاءٌ ثانٍ إلى الصلاة ، وذلك أنّه لما قال : « حي على الصلاة » دعاهم إليها ، ثمّ لما قال « الصلاة خير من النوم » دعا إليها مرة أخرى (١) .
الثاني : هو قول المؤذن بين الأذان والإقامة : « قد قامت الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح » (٢) . من جهة التذكير وحثَّ الناس على المبادرة للصلاة .
وزعم بعض الكوفيين أنّ المراد بالتثويب هذا لا غير ، حكى ذلك ابن المنذر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ، وزعم أنّه تفرّد به ، لكن في (سنن أبي داود) عن ابن عمر أنّه كره التثويب بين الأذان والإقامة ، وهذا يدلّ على أنّ له سلفاً في الجملة (٣) .
وهو الذي عرّفه بعض فقهاء الجمهور بالسلام على الأمراء بعد الأذان وقبل الإقامة ، « وهذا يسمّى نداء الأمراء ، وبعضهم يسمّيه التثويب ، ورخص فيه بعضهم ، وكرّهه أكثر العلماء » (٤) .
الثالث : قيل هو الإقامة ؛ لأنّ التثويب مِن ثاب إذا رجع ، ومقيم الصلاة راجع إلى الدعاء إليها ، فإنّ الأذان دعاء إلى الصلاة والإقامة دعاء إليها ، فهو رجوع إلى الصلاة بعد أن دعاهم إليها في الأذان بـ « حي على الصلاة » ، أي إنّه إعلام بإقامة الصلاة بقوله : « قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة » . ومنه ما رُوي عن أبي هريرة أنّ رسول الله قال : إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع
______________________
(١) البخاري بشرح الكرماني ٥ : ٧ .
(٢) عون المعبود ٢ : ١٧٠ ـ باب في التثويب / الرقم ٥٣٨ .
(٣) فتح الباري لابن حجر ٢ : ٨٦ . وانظر : سنن أبي داود ١ : ١٤٨ ـ الباب ٤٥ في التثويب / ح ٥٣٨ .
(٤) أُنظر : منهاج السنة النبوية لابن تيمية ٦ : ٢٩٤ ، الإنصاف للمرداوي ١ : ٢١٤ ـ باب الأذان .