ثم إنّ التثويب في كل بلدة تكون على ما يتعارفونه : إمّا بالتنحنح ، أو بقوله : « الصلاة ، الصلاة » ، أو : « قامت ، قامت » ، أو : « با يك نماز با يك » كما يفعل أهل بُخارى ؛ لأنه إعلام ، والإعلام إنما يحصل بما يتعارفونه (١) .
ولا تَنسَ أنّ البعض أطلق على الترجيع (٢) اسم التثويب (٣) ، لأنه مأخوذ من ثاب إذا رجع ، وهو تكرار الشهادتين دفعتين .
قال ابن إدريس ـ وهو من علماء الشيعة الإماميّة ـ في (السرائر) : اختلف أصحابنا في التثويب ، ما هو ؟ فقال قوم منهم : هو تكرار الشهادتين دفعتين ، وهذا هو الأظهر ، لأنّ التثويب مشتقّ من ثاب الشيء إذا رجع ، وأنشد المبرَّد لما سُئل عن التأكيد فقال :
لو رأينا التأكيدَ خطةَ عجزٍ |
|
ما شفَعْنا الأذانَ بالتثويبِ (٤) |
هذه هي أهم الأقوال في التثويب ، وهناك أقوال أخرى تركناها لكونها أقوالاً لا يُعتدّ بها ، ونحن في مطاوي بحوثنا سنشير إلى ما نختاره من هذه الأقوال .
______________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ١٤٩ . وما نراه اليوم في بعض البلدان الإسلامية من قولهم بعد الأذان (عجِّلوا بالصلاة) ، هو التثويب أيضاً .
(٢) الترجيع في الأذان : تكرار الفصول زيادة على الموظَّف ، وقيل : هو تكرار التكبير والشهادتين في أول الأذان ، وهو مخرج تمسك به بعض الشافعية للجمع بين قولَي الشافعي في القديم والجديد مجمع البحرين ٤ : ٣٣٤ ، اعانة الطالبين ١ : ٢٣٦ ، السراج الوهّاج للغمراوي ١ : ٣٧ ، قال : الترجيع وهو أن يأتي بالشهادتين سرّاً قبل أن يأتي بهما جهراً .
(٣) قال الوحيد البهبهاني في (مصابيح الظلام ٦ : ٥٤٢) : وظاهر « النهاية » كون التثويب هو الترجيع المشهور ، أي تكرير التكبير والشهادتين . أُنظر : نهاية الإحكام للعلّامة ١ : ٤١٤ .
(٤) السرائر ، لابن إدريس ١ : ٢١٢ ، والشعر لأبي تمام كما في المنتظم لابن الجوزي ١١ : ١٣٣ / ت ١٣٠٥ .