وأمّا محل ّالتثويب : فمحلّ الأول هو صلاة الفجر عند عامّة العماء ، وقال بعض الناس بالتثويب في صلاة العشاء أيضاً ، وهو أحد قولي الشافعي في القديم وأنكر التثويب في الجديد رأساً ... إلى أن يقول :
وأمّا التثويب المحدث فمحله صلاة الفجر ووقته ما بين الأذان والإقامة ، وتفسيره أن يقول حي على الصلاة حي على الفلاح على ما بيّن في (الجامع الصغير) ، غير أنّ مشايخنا قالوا : لا بأس بالتثويب المحدث في سائر الصلوات ؛ لفرط غلبة الغفلة على الناس في زماننا وشدة ركونهم إلى الدنيا وتهاونهم بأمور الدين ، فصار سائر الصلوات في زماننا مثل الفجر في زمانهم فكان زيادة الإعلام من باب التعاون على البرّ والتقوى ، فكان مستحسناً ، ولهذا قال أبو يوسف : لا أرى بأساً أن يقول المؤذن : السلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، الصلاة يرحمك الله ، لاختصاصهم بزيادة شغل بسبب النظر في أمور الرعية ، فاحتاجوا إلى زيادة إعلام نظراً لهم !
ثمّ التثويب في كلّ بلدة على ما يتعارفونه : إمّا بالتنحنح ، أو بقوله : الصلاة الصلاة ، أو : قامت قامت ، أو : با يك نماز با يك كما يفعل أهل بخارى ، لأنّه الإعلام ، والإعلام إنّما يحصل بما يتعارفونه (١) .
وفي (المبسوط) للسرخسي : وكان التثويب الأول في الفجر بعد الأذان (الصلاة خير من النوم) مرتين فأحدث الناس هذا التثويب [ حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين ] وهو حسن ... إلى أن يقول : قوله « فأحدث الناس هذا التثويب
______________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ .