إشارة إلى تثويب أهل الكوفة ، فإنّهم ألحقوا الصلاة خير من النوم بالأذان ، وجعلوا التثويب بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين (١) .
وقال أيضاً : والتثويب في كلّ بلدة ما ما يتعارفونه : إما بالتنحنح ، أو بقوله : الصلاة الصلاة ، أو بقوله : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، لأنّه للمبالغة في الإعلام .
إلى أن يقول : وإنّما يُستحسَن التثويب لأنّ الدعاء إلى الصلاة في الأذان كان بهاتين الكلمتين فيستحسن التثويب بهما أيضاً . هذا اختيار المتقدمين ، وأما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات ، لأنّ الناس قد ازداد بهم الغفلة وقلّما يقومون عند سماع الأذان فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام ، فمثل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس . وقد روي عن أبي يوسف أنّه قال : لا بأس بأن يُخَصَّ الأمير بالتثويب ، فيأتي بابه فيقول : السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حيّ على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين يرحمك الله ، لأنّ الأمراء لهم زيادة اهتمام بأشغال المسلمين ورغبة في الصلاة بالجماعة ، فلا بأس بأن يُخَصّوا بالتثويب . وقد رُويَ عن عمر أنّه لما كثر اشتغاله نَصَب من يحفظ عليه صلاته ، غير أنّ محمداً رحمه الله كره هذا (٢) .
وقال ابن نجيم في (البحر الرائق) : التثويب : وهو نوعان : قديم وحادث .
فالأول : الصلاة خير من النوم ، وكان بعد الأذان إلّا أنّ علماء الكوفة ألحقوه بالأذان .
______________________
(١) المبسوط ١ : ٣١٠ .
(٢) المبسوط ١ : ١٣١ .