البحث
البحث في بحوث في علم الأصول
أنّ الحرف ليس له ما بإزاء أصلا إلّا في عالم الكلام ، فحينئذ ، هنا شق ثالث لا إخطاري ولا إيجادي ، وذلك بأن يكون للحرف معنى قبلاني في عالم الذهن ، وقبل الكلام. وهذا المعنى لا يقبل اللحاظ الاستقلالي ، بل هو دائما يوجد بوجود تبعي ، إذن فلا يتبرهن الإيجادية بإبطال الإخطارية.
وهذا الاعتراض إنما يرد بناء على هذا التفسير للإخطارية والإيجادية ، أمّا بناء على ما بيّناه فلا يرد الاعتراض ، لأن معنى الإخطارية عند الميرزا ليس هو أن يكون المعنى معنى قابلا للحاظ الاستقلالي ، وللوجود الاستقلالي. بل الإخطارية معناها أن يكون للمفهوم تقرر ذاتي في عالم المفهومية ، بحيث كأنه شيء يخطر في الذهن في مقابل الإيجادية الذي لا يكون للمفهوم الإيجادي أي تقرر إلّا في نفس مرحلة وجوده وتحققه في أفق ذهن المتكلم ، وإلّا ففي مرحلة قبل هذه المرحلة ، ليس له تقرر ماهوي.
فبناء على هذا ، تكون القسمة حاصرة ، فالمعنى إما إيجادي وإما إخطاري ، إما أن يكون له تقرر ماهوي في مرتبة سابقة على الوجود ، وإما أن لا يكون له تقرر ماهوي في مرتبة سابقة على الوجود.
ونحن برهنا على أن المعنى الحرفي يستحيل أن يكون له تقرر ماهوي في مرتبة سابقة على الوجود ، كما بينا ذلك في المرحلة الثالثة من المراحل الخمسة. حيث قلنا هناك : إن المعنى الحرفي متقوم ذاتا بشخص وجود الطرفين ، فكيف يعقل أن يكون له تقرر مفهومي ، وانحفاظ لذاتياته المفهومية ، بقطع النظر عن عالم الوجود ، إذن فيبطل كونه إخطاريا ، ويتعين كونه إيجاديا. فمرام الميرزا نعم المرام ، وبرهانه نعم البرهان ، وليس له كلام إلّا هذا العنوان المشهور ـ إلّا المسلك المشهور ـ فقد تطابق هذا المسلك مع كلامه ، وليس في كلامه إضافة إلّا ما قلناه ، وما قلناه مأخوذ من إفادته.
الوجه الثاني :
وهذا الوجه الثاني هو ما نسب إلى المحقق الأصفهاني (قده) حيث ذكر