قد يتفق لنا أن لا نسمع الزئير بل نسمع صوتا شبيها بالزئير ، بأن كان إنسان يقلّد (الأسد) ، حينئذ ينتقل الذهن فورا إلى صورة (الأسد) ، وهذا تطبيق لكلا القانونين معا ؛ لأنّ الذهن انتقل من شبيه الزئير إلى الزئير ، وهذا تطبيق للقانون الثانوي التكويني الأول ، وانتقل الذهن من الزئير إلى (الأسد) ، وهذا تطبيق للقانون الثانوي التكويني الثاني ، لأنّ الزئير مقترن (بالأسد) مرارا عديدة.
وأيضا لو أنّ إنسانا لا يعرف اللغة ، وأراد أن يفهم إنسانا آخرا ، أنّ هناك أسد ، فيصدر صوتا شبيها بالزئير ، وذاك يلتفت فورا إلى أنّ هناك (أسد) ؛ فهنا بحسب الحقيقة ، دلالة هذا الصوت الشبيه تتم ببركة ضم أحد هذين القانونين الثانويين إلى الآخر. وكذلك يضم هذان القانونان ، لو أردنا أن نعبر بهذا الصوت عن رجل شجاع ، وهذه الدلالة ، وهي دلالة الصوت الشبيه بصوت (الأسد) ، على الرجل الشجاع ، تكون بتطبيقات عديدة لهذين القانونين ، لأنّ الصوت الخارج من الإنسان يدل على الزئير من باب دلالة الشبيه على الشبيه الآخر ، والزئير يدل على (الأسد) ، و (الأسد) يدل على الرجل الشجاع ؛ فبتطبيقات عديدة لهذين القانونين أصبح هذا الصوت يدلّ على الرجل الشجاع.
وإلى هنا نرى أن الإنسان بلا عناية من قبله ، وفي حدود هذين القانونين الثانويين التكوينيين المخلوقين من قبل الله تعالى ، أمكن أن يوجد لنفسه لغة ، لأنّه بأصوات متعددة يمكن أن يفهم أشياء متعددة ، فهو يفهم إمّا أصحاب الأصوات أنفسهم ، وهذا تطبيق للقانون الثاني ، أو يفهم ما يشبه أصحاب الأصوات ، وهذا ضم لأحد القانونين إلى الآخر.
وهكذا وبلا إعمال عناية من قبل الإنسان ، حصلت لغة ، وهذه اللغة وهذه الدلالة ـ دلالة اللفظ على المعنى ـ لا يتدخل فيها أي عناية من قبل الإنسان ، لا في الكبرى ولا في الصغرى ؛ لا في كبرى القانون ، لأنها تكوينية مجعولة من قبل خالق الإنسان ، وخالق العالم ، ولا في صغرى القانون ـ الزئير